"أنا وظلّال".. كتاب تونسي يكشف الوجه الآخر لفيروس كورونا
"أنا وظلّال".. كتاب تونسي يكشف الوجه الآخر لفيروس كورونا
بدأت الساحة الأدبية التونسية تشهد أولى الإنتاجات الإبداعية ذات العلاقة بالأزمة الصحية، التي تعيشها البلاد منذ سنة، وذلك مع ظهور كتاب ”حديث الكوفيد.. أنا وظلاّل“ للصحفي برهان اليحياوي.
والكتاب الصادر عن دار ”زينب للنشر“، والذي يقع في 120 صفحة من الحجم المتوسط، يطرح في جانب كبير منه الوجه الآخر لفترة الحجر الصحي الشامل، التي عاشها التونسيون ربيع العام الماضي ليمتد إلى توصيف فترات الأزمات، التي قد يمر بها سكان تلك المناطق، التي يقول الكاتب إنها منسية وملغاة من حسابات القادة والسياسيين.
ويعكس عنوان الكتاب ”أنا وظلال“ حالة من التماهي والتقارب بين الكاتب و“ظلّه“، الذي يرافقه على امتداد صفحات الكتاب، الذي يروي جوانب من المعاناة، معاناة الإنسان التواق إلى الحياة الباحث عن العدالة وسط أوجه الموت المتعددة ومظاهر الظلم المتجذرة في محيطه القريب (محافظة القصرين، غرب البلاد التونسية) أو في المجتمعات العربية عامة.
والكتاب لا يخلو من مرارة سببه ما يرى الكاتب أنه ظُلم بحق تلك المنطقة، التي لم تُعزل بسبب تفشي الوباء وإنما بفعل الفساد الطبقي والسياسات الظالمة، ففي مدينة القصرين ومناطقها الريفية المنتشرة على سفوح الجبال الغارقة منذ سنوات في ظلمات التطرّف والموت والفقر والتهميش تتألم أكثر من ألمها بسبب ”كورونا“ هذا الوباء العالمي، الذي لم يستثن أحدا من الناس على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية وانتماءاتهم الفكرية.
ولا يخفى جانب السيرة الذاتية للكاتب، فكاتب ”أنا وظلاّل“ هو صحفي عايش كثيرا من قصص المنسيين من أبناء جهته وواجه العديد من الحكايات الموجعة، ولكنه اختار أن لا يروي ذلك بصفة مباشرة بل جاءت الحكايات مقترنة بـ ”ظلاّل“، الذي روى يومياته خلال فترة الحجر الصحي الشامل، الذي عاشته تونس طيلة 42 يومًا خلال الموجة الأولى لفيروس كورونا.
ولعلّ محتوى الكتاب يزداد أهمية من خلال تلك الثنائيات التي بُني عليها وهي ثنائيات بسيطة في شكلها عميقة في مضمونها، وما الحياة والموت، السعادة والشقاء، الحرية والأسر إلا بعض عناوينها الرئيسة، هذه البساطة التي تبدو متاحة لم يدرك الإنسان قيمتها إلّا في ظلّ تلك الأيام التي أعادت صياغة مفهوم الحرية وتمثّله.
وهذه الطريقة التي اعتمدها الكاتب في التخفّي وراء شخصية ”ظلّال“ لم تنحرف عن طريق الحقيقة ولم تضلّل القارئ، بل كانت منهجا في استرجاع أحداث عاشها الكاتب وواكبها في محافظة القصرين خلص فيها إلى إثبات أنه بوباء ”كورونا“ أو من غيره، هناك ”فيروس“ واحد يفتك بأبناء الجهة منذ عقود من الزمن هو الظلم والنسيان.
"إرم"