نشر بتاريخ: 2021/04/27 ( آخر تحديث: 2021/04/27 الساعة: 02:45 )
د. ناجي صادق شراب

بايدن والدولة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 2021/04/27 (آخر تحديث: 2021/04/27 الساعة: 02:45)

تساؤلات كثيرة تثار منذ أن جاء الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة، كعادة أي إدارة جديدة: هل من جديد بالنسبة للقضية الفلسطينية؟ وهل من حل وتسوية سياسية تُنهي هذا الصراع المركب والمعقد؟

قد تكون فرص الرئيس بايدن أفضل ممن سبقوه، فهو يأتي للرئاسة والبيئة السياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكثر قابلية للحل. فمن ناحية ورث قرارات سياسية من إدارة الرئيس ترامب السابقة، عملت على تفكيك القضية الفلسطينية وفرضت واقعاً قد يصعب العودة عنه، كالقدس، وتثبيت خارطة الاستيطان وعدم الاكتراث بقيام الدولة الفلسطينية. ومن ناحية ثانية وهذا الأهم تحييد المكون العربي كمكون قومي واستراتيجي للقضية الفلسطينية، ومن ثم اختفاء الفيتو العربي على السلام، ومن ثم لا خيار فلسطينياً في النهاية إلا القبول بالسلام أياً كان.

ومن ناحية ثالثة المكون الدولي وصل لمرحلة القناعة الكاملة بأن هذا هو الوقت الأكثر مناسبة لحل القضية الفلسطينية.

فالأولويات الدولية في حالة من التغير وليست القضية الفلسطينية من بين أولوياتها الملحة، فأولوية القضاء على الوباء اليوم، تفوق أية قضية بما فيها فلسطين، لكن في الوقت نفسه توجد رغبة قوية في حل هذه القضية تقوم على الواقع القائم، وحدّه الأدنى لن يخرج عن دولة فلسطينية تحقق وتستجيب للطموحات القومية للشعب الفلسطيني.

ولعل من أبرز العوامل المشجعة لإدارة بايدن وفريق عمله، هو المتغير الفلسطيني والإسرائيلي، فالانتخابات الفلسطينية قد لا تخرج أن تكون أحد المقاربات لتشكيل حكومة وسلطة لها شرعية القرار القادر على الذهاب للتفاوض، ولا شك في أن حالة الانقسام فرضت نفسها على الخيارات الفلسطينية، وهذا هو الموقف المقبول من دولة فلسطينية في إطارها العام؛ بل يبدو أن السلطة الفلسطينية قد وصلت إلى قناعات سياسية لن تحصل على أكثر من دولة فلسطينية، وهذا ما يتم العمل عليه وتشجيعه وتبنّيه عربياً. وإسرائيلياً لا خيار أمام إسرائيل إلا القبول بهذه الدولة، ولن تخرج عملية السلام العربية عن هذا الهدف.

ولعل من المؤشرات الإيجابية لإدارة الرئيس بايدن، فريق العمل الخاص بالشرق الأوسط، فإدارته على الرغم من أن أولوياتها الصين وإيران وروسيا إلا أنها لم تُسقط أولوية الشرق الأوسط. فقد تم تعيين سبعة من الخبراء في شؤون المنطقة تحت قيادة بريت ماكجورك مدير سياسات بايدن للشرق الأوسط. وستتولى هذا الملف جولي سوير، وهي مساعدة سابقة لمبعوث أوباما الخاص بمفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في مجلس الأمن القومي. المستشرق الإسرائيلي اليميني مردخاي كيدار يقول إن إدارة الرئيس بايدن، تتفق سراً مع السلطة الفلسطينية تمهيداً لتأسيس دولة فلسطينية. ويرى أن المشكلة ليست في إسرائيل؛ لأن الأخيرة ترتبط ارتباطاً عميقاً بالولايات المتحدة في كل المجالات، وأن المشكلة في السلطة الفلسطينية التي تركت المفاوضات منذ إدارة الرئيس أوباما، وأن عودة الفلسطينيين للمفاوضات أصعب إذا لم يتوفر لهم الثمن السياسي الذي يمكن أن يحصلوا عليه.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، تعمل على تهيئة حماس لدور سياسي ما من خلال الانتخابات، وهذا قد يفسر لنا قبول حماس بقوة للانتخابات والاستعداد للمشاركة في حكومة وحدة وطنية فلسطينية؛ بل تطالب بها.

ويضيف أن القيادة الفلسطينية بعثت برسالة للإدارة الأمريكية تقول فيها، إن منظمات فلسطينية، بما فيها حماس، أبدت قبولها بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، على أن تكون القدس الشرقية عاصمتها، وأن المراسيم التي أصدرها الرئيس محمود عباس بشأن الحريات هي رسالة طمأنة للإدارة الأمريكية وتهيئة لهذه الدولة.

وبقراءة التصريحات والمواقف التي صدرت عن البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، كلها تدفع في اتجاه قيام الدولة الفلسطينية وحل الدولتين، ولن يختلف موقف الإدارة الأمريكية الحالية عن سابقتها بالنسبة للرؤية الشمولية للحل، والذي يقوم على أولوية الأمن والبقاء لإسرائيل.

 الجديد أن هناك عملية سلام عربية إسرائيلية ستعمل الإدارة الحالية على تحقيق إنجازات واختراقات فيها. وهذا يعني من منظور فلسطيني أن الفلسطينيين سيجدون أنفسهم أمام هذا السلام، ولا خيار إلا القبول به، وإسرائيل، مقابل هذا السلام، يجب عليها القبول بالدولة الفلسطينية.

في سياق هذا التحول، يمكن أن نرى خطوات متقدمة في الوصول إلى حل الدولتين، والذي قد يبدأ بالعودة للمفاوضات وبانتخاب عباس مجدداً رئيساً للسلطة الفلسطينية، وينتهي باتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي جديد بمرجعية الدولة الفلسطينية.

ومن خلال الدولة الفلسطينية يمكن تصور حلول لمشكلة اللاجئين، والأمن، وغيرها من القضايا.

"الخليج"