نشر بتاريخ: 2018/11/26 ( آخر تحديث: 2018/11/26 الساعة: 03:18 )
حسن عصفور

"فصائل الفراغ السياسي" ونتنياهو الإنجازات!

نشر بتاريخ: 2018/11/26 (آخر تحديث: 2018/11/26 الساعة: 03:18)

عندما أوقفت دولة الكيان غزوتها العدوانية فجأة على قطاع غزة، أصيبت بعض "فصائل فلسطينية بنشوة نصر وهمي"، بل ذهبت الى انها تمكنت بعدد من الصواريخ أن تزلزل حكومة نتنياهو، وأجبرت وزير الجيش الى الاستقالة هربا من "هزيمة أقسى".

ولأن معايير النصر والهزيمة لفصائل المشهد الراهن بلا معايير سوى ما تقرره هي، وفقا لحساباتها الخاصة، وغالبها أضيق من حدقة العين، بأنه نصر وربما نصر مبين، وهو في الواقع ليس سوى سراب لا أكثر يقدم "نشوة فرح" آنية في ظل حالة من القهر العام، بحيث يصبح أي صاروخ أو رصاصة أو كلمة ضد الكيان الإسرائيلي وكأنها بطولة قومية، ما يكشف عمق حالة "الانهيار السياسي" في المواجهة مع العدو القومي.

خلال مرحلة "النشوة الكبرى" و"الغرور غير المسبوق"، للبعض من بيننا، خرجت حكومة نتنياهو، التي باتت تحكم بصوت واحد مضافا على المطلوب برلمانيا، تستعرض بعضا من إنجازاتها السياسية "الفعلية"، فكانت زيارة إدريس ديبي أول رئيس تشادي، الى إسرائيل بعد 64 عاما مع قطع العلاقات، ولم يكتف ديبي بزيارة الكيان بل أصر أن يذهب الى القدس ليشير باعتراف ضمني بها كعاصمة لدولة إسرائيل.

خلال الترحاب الكبير برئيس دولة أفريقية، كشف نتنياهو أن هناك الكثير القادم، وله زيارات الى دول عربية، فيما سيذهب وزير الاقتصاد الإسرائيلي الى البحرين تحت غطاء مؤتمر عالمي، مترافقا مع تقارير عن مساعدة تل أبيب لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان تمهيدا لفتح باب الخرطوم للبعثات الإسرائيلية، والأجواء أمام طائراتها خلال رحلاتها الى البرازيل.

من حق الفلسطيني أن يتباهى بأنه الوحيد الذي يطلق بعضا من صواريخ بين حين وآخر على بلدات إسرائيلية، بعيدا عن مدى الخسائر التي تتركها، لكن "التمرد" أحيانا له انعكاس خاص، ومن المهم أن يفتخر الفلسطيني بمسيراته في قطاع غزة الأسبوعية، رغم أنها فقدت كثيرا من رونقها، وباتت وكأنها "مقررة" وليست متفاعلة شعبيا، والفرق كبير بين هذه وتلك، فيما تحاول فتح (م 7) أن تتباهى بوقفتها محدودة العدد والعدة في الخان الأحمر، رغم انها تمثل دليل إدانة لها وتحالفها، الغائبين حقا عن أي مشاركة شعبية ضد المحتلين ومستوطنيهم، بعد أن فضحت مظاهرات قانون الضمان الاجتماعي عجز تلك الفصائل.

وما بين "إنجازات" الكيان، و"فرح" فصائلي بما تفعل، تسير اللوحة السياسية الفلسطينية من خلال وفود "الزفة السياسية" بين غزة والقاهرة ورام الله والقاهرة لتعزيز كل ما يمكنه أن يؤكد "الانقسام" ويديمه حتى تحقق دولة إسرائيل كامل أهدافها المرجوة مما خططت له مع أمريكا وبعض فلسطيني وعربي، وتفرض مشروعها التهويدي في الضفة والقدس وفصل مؤقت لقطاع غزة، حتى يمكنها تمرير الصفقة الإقليمية الكبرى.

طرفي الانقسام، يبحثان عما يعزز ما لهما من "سلطات" محدودة جدا، فحركة فتح (م 7) تتحدث، رغم كل تطورات المشهد الإقليمي"، وما تحققه حكومة تل أبيب من "مكاسب" يمكن وصفها بالتاريخية، عن شروط "استسلام حماس" وكأنها باتت بقواتها وجماهيرها على أعتاب تحقيق النصر الكامل لإزالة الانقلاب والانقلابين، شروط لا يكفي وصفها بالغبية، لكنها شروط تعجيز لمنح الكيان فرصة لينهي مكتسباته المنتظرة، بعد فضيحة البعض منهم في السمسرة الشاملة للاختراق.

شروط فتح (م7)، غالبها لا صلة له بالواقع أبدا، ويمكن أن ينتهي بقرار من رئيسها ورئيس سلطة رام الله محمود عباس لو قرر اعلان الدولة واعتبار قطاع غزة قاعدة بداية استرجاع الأراضي المحتلة، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وطنيا.

ومقابل ذلك تتصرف حركة حماس وكأن قطاع غزة بات "ملكية خاصة"، تفعل ما تريد بلا رقيب أو حسيب، وكل أهل القطاع يصرخون من كارثة إنسانية واقتصادية لم تشهد تحسنا ملموسا رغم فك بعضا من ملامح الحصار وإدخال أموال قطرية، والبضائع المصرية دون أن يلمس المواطن الغزي بأي فائدة مما يتم الحديث عنه، شكاوى لخصتها حركة القطاع الخاص وقبلها رئيس اتحاد المقاولين، مع استمرار بلطجة معبر رفح وفساد داخلية حماس.

لا يكفي الادعاء بالطهارة السياسية لتنجو من واقع اتهام شعبي بفساد عام، بات سمة لحكم حماس واستغلال أموال قطرية وبضائع مصرية لزيادة خزينتها، وليس لتحسين حياة المحاصرين الذين باسمهم تصل تلك البضائع والأموال.

مشهد طرفي النكبة الانقسامية وسلوكهما يثير الاشمئزاز الوطني، ويجب ان يستفز بعض قوى كي تنتفض قليلا لرفض استمرار معادلة التعطيل الذاتي، كي لا يبقى الحديث عن نصر وهمي فيما الكيان يصل الى عواصم العرب ويفتتح افريقيا بسرعة البرق.

هبة الغضب باتت ضرورة وطنية في وجه قطبي الكارثة الكبرى!

ملاحظة: على غير العادة، لم يكن يوم الأحد أي نشاط سياسي أو مقابلات أو لقاءات للرئيس محمود عباس وفقا لمراجعة وكالته الرسمية "وفا"، غاب عن الحضور طوال يوم بكاملة، لعل المانع خيرا والصحة أيضا!

تنويه خاص: اعلام قطر الإقليمي والمحلي في فلسطين روج أن الامارات تمول خط الغاز الإسرائيلي الى أوروبا، حتى الكذب لهذه الفئة الضالة بات مهزلة، هيك اتفاقات مع دولة عدة لا اسرار بها لكن الوقاحة لا حدود لها لتلك "الجماعة الشاذة"!