نشر بتاريخ: 2022/02/09 ( آخر تحديث: 2022/02/09 الساعة: 06:41 )
راسم عبيدات

أطفال فلسطين صوتهم أعلى من صوت الاحتلال

نشر بتاريخ: 2022/02/09 (آخر تحديث: 2022/02/09 الساعة: 06:41)

لا أحلام بن غوريون أحد مؤسسي الحركة الصهيونية تحققت، بأن أطفال فلسطين ينسون وطنهم وأرضهم عندما يموت كبارهم، ولا حلم “غولدا مائير” رئيس وزراء الاحتلال الأسبق تحقق، التي كانت تقلق مع ولادة كل طفل فلسطيني، ولا أحلام المتطرفين الآخرين من قادة دولة الاحتلال من حاخامات وقادة سياسيين، والذين وصفوا أطفال شعبنا بالعقارب ودعوا الى إزالة أرحام الأمهات الفلسطينيات.
هم أطفال “الآر بي جي” في معارك الجنوب اللبناني، وأطفال الحجارة في الانتفاضة الشعبية الأولى انتفاضة الحجر/كانون أول 1987 الذين تصدوا لرصاص جنود الاحتلال بصدورهم العارية… محمد الدرة وفارس عوده وغيرهم العشرات من الأطفال …واليوم في ظل محاولة الاحتلال لطرد وتهجير واقتلاع عرب النقب من أرضهم.. والسيطرة عليها، ضمن مشروع تهويدي استيطاني بامتياز، يشكل الوجه الآخر لمشروع “برافر” التهويدي في حزيران 2013،والذي أفشلته جماهير شعبنا في الداخل الفلسطيني في كانون أول/2013، ما يعرف بمشروع ” تحريج” الصحراء، حيث دعا بن غورين الى زراعة وتحريج عشرات الآلاف الدونمات في النقب قائلاً ” اذا لم نصمد في صحراء النقب فتسقط تل أبيب” ،اما زئيف جباتونسكي الأب الروحي للحركة الصهيونية وزعيم التيار الإصلاحي فيها، فقد دعا الى اقامة جدار حديدي يمنع تمدد وزيادة اعداد العرب في النقب وسيطرتهم على الأرض هناك…هم عاشوا اوهامهم، بأن ثلاثة وسبعين عاماً من سياسات التهويد والأسرلة، وبما يشمل محاولات دمج و”تذويب” أبناء شعبنا في المجتمع الإسرائيلي عبر “كي” وصهر” و”تطويع” و”تجريف” وعيهم، كفيلة بأن يفكك بنيتهم الوطنية والمجتمعية ويقضي على كل أمالهم وأحلامهم، بإستمرار وجودهم كشعب له حقوق وطنية وسياسية، وهم لم يروا في شعبنا سوى طوائف وتجمعات سكانية
.

يوم الجمعة 28/1/2022 الرسالة كانت واضحة وصريحة من القدس، ووصلت إلى رئيس وزراء الاحتلال وكل أركان دولته، من خلال التظاهرة الحاشدة التي نفذتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني -48 – أمام مكتب رئيس وزراء دولة الاحتلال في القدس، الأطفال الفلسطينيون، هتفوا للنقب ورددوا شعارات تؤكد على عروبة النقب وعلى انتمائهم القومي العربي وهويتهم الفلسطينية، اولم ينسوا الهتافات الداعية لحرية الأسرى، أطفال يهتفون” سجل أنا عربي، ورقم بطاقتي خمسون ألفا، وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف” و” السبعاوي ما بموت”… لا يمكن لأي آلة احتلال أن تهزمهم او تلغي وجودهم …هؤلاء الأطفال من بعد هبات القدس الثلاث في نيسان من العام الماضي باب العامود، الأقصى والشيخ جراح، وما اعقبها معركة ”سيف القدس” في أيار من العام الماضي التي “هشمت دولة الاحتلال عسكرياً وسياسياً، وشاركت فيها جماهير شعبنا في الداخل الفلسطيني -48 – بشكل كبير واسع، حملت عدة رسائل للمحتل.

المحتل أراد أن يعاقب شعبنا وأهلنا هناك على دورهم في الانتفاضة الشعبية، هذا المارد الذي خرج من “قمقه” ليقول، نحن شعب فلسطين، نحن شعب حي لا يموت، وإن كان اوسلو قد قطع الوصل والتواصل بين أبناء الشعب الواحد، فنحن نقول بأننا لن نكون سوى فلسطينيين، عرب أقحاح لا نقبل المزايدة علينا من احد، ولا أحد يبيعنا وطنية،ونحن من الآن فصاعداً أسقطنا توصيفنا ب”عرب اسرائيل” ،ومعركة “سيف القدس”، أثبتت بأن شعبنا هناك قد استعاد دوره ومكانته الحاسمة في المشروع الوطني الفلسطيني على قاعدة مقاومة الاستيطان والاحتلال، وأبعد من ذلك مشاركة شعبنا في الانتفاضة الشعبية، وخاصة في المدن البلدات والمدن المختلطة، اللد، الرملة، حيفا ،يافا وعكا وغيرها من مدن وبلدات الداخل- 48- ، أوجدت ميزان ردع جديد غير قابل للكسر،فهي اعادت مكانة تلك القرى والمدن كجزء أصيل من الجغرافيا الفلسطينية، في وقت أوسلو الكارثي نزع عنها فلسطينيتها، تذكروا هذه المقولة ” نزع عنها فلسطينيتها.

رئيس وزراء الاحتلال يعلم جيداً بأنه غير قادر على إخضاع شعبنا في النقب، ومحاولات الاختراق للنسيج المجتمعي والوطني لن تفلح في كسر إرادة شعبنا هناك وتحطيم معنوياته، وتخليه عن أرضه ووجوده، فالقرى العربية ال 38 المعرفة عند الاحتلال كقرى غير معترف بها، والمحرومة من الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وبنية تحتية وشبكات الصرف الصحي ،وجودها سابق لوجود دولة الاحتلال، وهو لن ينجح في طمس معالمها ووجودها وتاريخها، فقرية العراقيب التي هدمها المحتل للمرة السابعة والتسعين بعد المائة منذ مطلع عام 2000 ،يعاد بناؤها في كل مرة، وكذلك هي قرية أم الحيران التي هدمت في كانون /2017 ،وما يجري الآن من تجريف واسع لأراضي عرب الأطرش وقرية سعوة والزرنوقة وبئر الحمام والرويس وغيرها، لن يُمكن الاحتلال من تحويل أبناء شعبنا هناك من شعب منتج يعتمد على الزراعة والرعي الى شعب مستهلك يعمل بأجر في مستوطنات الاحتلال، عبر تجميعهم في عدة أماكن تركيز.

تلك القرى محرومة من الخدمات الأساسية كما قال عضو ” الكنيست” الإسرائيلي السابق طلب الصانع” الخنازير والأغنام في الحظائر الإسرائيلية، يتوفر لها الكهرباء والماء”، في حين تلك القرى محرومة من تلك الخدمات.

الاحتلال إذا ما استمر من خلال هذه الحكومة التي تعج بالمستوطنين، في عمليات تهويد النقب والجليل والقدس والضفة الغربية، فمن الواضح بأن هذا “المرجل” الفلسطيني الذي يغلي، بات يقترب من نقطة الانفجار، والذي سيكون على شكل انتفاضة شعبية جماهيرية واسعة، تمتد على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية. واطفال فلسطين ستبقى معنوياتهم مرتفعة تعانق عنان السماء، هم جيل ما بعد بعد اوسلو الأكثر جرأة وإقداماً وتصدياً لمشاريع التهويد والأسرلة، هم تحرروا من عقد الخوف وكسروا حاجزها، هم يتقدمون على قياداتهم المرتجفة والتي لن تصنع نصراً أو حرية، فهذه القيادة ستجد نفسها مضطرة، أمام خيارين لا ثالث لهما، إما ان ترتقي الى مستوى المسؤولية ونبض الشارع الفلسطيني،ا و أنها ستغادر غير مأسوف على رحيلها، لتحل محلها قيادات يصعب على المحتل “ترويضها” أو إخضاعها.

"القدس"