نشر بتاريخ: 2018/03/24 ( آخر تحديث: 2018/03/24 الساعة: 10:27 )
حسن عصفور

"انتفاضة غزة" ضد حماس

نشر بتاريخ: 2018/03/24 (آخر تحديث: 2018/03/24 الساعة: 10:27)

بلا مقدمات، خرج احد أعضاء مركزية فتح، وعبر تلفزيون السلطة الرسمية، ليطالب أهل قطاع غزة، بضرورة الإنتفاض من أجل إسقاط "حكم حماس"، كشرط لإنهاء الإنقسام..

الدعوة بذاتها اعلانا رسميا، من قبل طرف الرئيس محمود عباس وفريقه بإنتهاء البحث عن  تنفيذ اتفاقات المصالحة، وترحيلها الى حين أن "يستجيب أهل القطاع الى الدعوة العباسية ويخرجوا بعشرات الآلاف الى الشوارع في إنتفاضة شعبية تسقط حكم الردة السياسية"..

الأمر الفريد، في هذه الدعوة، الكشف عنها بعد سنوات طويلة من سيطرة حماس بالقوة العسكرية على قطاع غزة، وبعد أن وقعت فتح، وبشخص من خرج ليطالب "أهل القطاع" بالانتفاض، سلسلة من اتفاقات "المصالحة"، وآخرها  لم يتم اعلان وفاته حتى الساعة، بل أن بعضا من وزراء حكومة عباس لا يزالون يعملون في القطاع، ومن مقار عملهم التي تشرف على امنها أجهزة حماس..

لعل من أهم طرائف تلك "الدعوة"، انها تأت بعد أن قامت أجهزة الرئيس محمود عباس الحكومية بحصار "غير مسبوق" للقطاع، ونكلت به تنكيلا لم يكن يوما لإنسان أن يفكر بحدوثه بيد فلسطينية تقف يدا بيد مع قوة الاحتلال، ما أدى الى نشوب أحد أخطر الأزمات الإنسانية تصل الى اعتبارها جريمة حرب..

الداعي للقيام بتلك الإنتفاضة غاب عنه أن "الإنتفاضة" ليس عملا اعلاميا، ولا نداءا تلفزيونيا، وليست جانبا من جوانب "المناكفات الساذجة"، التي باتت جزءا اصيلا من تفكير "شلة" فقدت كل صلة بشعبها وقضيته الوطنية، وتفرغت لتعزيز مصالحها، والمضي في تكريس كل ما يخدم تلك المصالح، التي لولا الانقسام لما كان لها حضور سياسي، ولغابت كليا عن المشهد..

أن يصل الإستخفاف الوطني الى هذا الدرك من الاستغباء - الإستهبال، فذلك مؤشر على أن المشهد الفلسطيني يتعرض الى قمة التشويه السياسي، وأن المسؤولية لم تعد جزءا من سلوك وتفكير فئة تدعي "التمثيل الرسمي" للشعب الفلسطيني..

الباحث عن "إنتفاضة أهل القطاع" ضد حماس، لم يفكر في مخاطر مثل تلك "الأقوال"، على ابناء فتح (المؤتمر السابع) في القطاع، وما سيكون موقف أجهزة أمن حماس نحو اي تحرك شعبي تجاه أي قضية، فهو قدم وبغباء نادر ما يمنحها القيام بأي ممارسات تحت "ذريعة حفظ الأمن العام والنظام" من "محاولات تخريبية"..

كيف يمكن لمثل هؤلاء أن يواصلوا "حركة الرغي" اللامسؤول، وتوريط غيرهم في مواجهة أزمات مجانية..قبل الحديث بأنها دعوة لإغلاق ملف المصالحة، وستكون حماس محقة تماما بالقول أن الرئيس عباس ومن معه لا يريدون المصالحة بل يبحثون عن "إسقاط حكمها"..

التصريح الغبي، لم يراع أن هناك حالة من التوتر انتشرت بعد عملية التفجير خلال موكب رامي الحمدالله، ويمكن لحماس ان ترى فيما حدث "مناورة - مؤامرة" للمضي نحو تنفيذ "نداء فتح والرئيس عباس" بالانتفاض على حكمها..

التصريحات التي تخرج دون تفكير أو تركيز هي مظاهر لـ"الفوضى السياسية" السائدة، والتي يبدو أنها باتت "منظمة" و"مخطط "لها كجزء من تحضير المسرح لتكريس الفصل الوطني، تحت "شعارات ثورية" لكنها فارغة وغبية ايضا..

وتكتمل الفضيحة، عندما يتجاهل "المنتفض" هذا كليا أي إشارة الى الاحتلال الإسرائيلي، وتجاهل كليا أي دعوة شعبية لمقاومته، وكأنه تحول الى "صديق" و"محب"..

أي مهزلة، أو بالأدق، أي إنحطاط سياسي وصلت اليه هذه "الفئة" التي لم تعد تخجل بالقيام بأي عمل مقابل تحقيق "أهدافها الخاصة والضيقة"، وايضا بسم الحرص على القضية الوطنية و"الشرعية"..

"نداء الانتفاض" هو حق وطني وواجب الضرورة، ولكن على من يحتل أرضه أولا، ومن يخطف شرعيته ثاينا، ومن يعرقل سبل إنهاء الإنقسام ثالثا..