نشر بتاريخ: 2019/03/28 ( آخر تحديث: 2019/03/28 الساعة: 15:20 )

خاص الكوفية|| فروانة: الاحتلال يحتجز جثامين الشهداء للانتقام منهم أحياءً وأمواتًا

نشر بتاريخ: 2019/03/28 (آخر تحديث: 2019/03/28 الساعة: 15:20)

غزة..محمد جودة: قال عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى: "إن عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ 6 آلاف أسيراً يقبعون في 22 سجنًا ومعتقلًا ومركز توقيف، مشيراً في حوار لـ"الكوفية" إلى أن الأسرى يتعرضون للتنكيل والتعذيب والإذلال، بسبب احتجاجاهم على المعاملة غير الانسانية التي يتعرضون لها من قبل إدارة السجون.

وأكد أن الاحتلال لجأ لطريقة غير مسبوقة في العالم أجمع لعقاب الفلسطينيين أحياءً وأمواتاً من خلال احتجاز جثامين الشهداء في الثلاجات وما يعرف بمقابر الأرقام، للانتقام منهم وتعذيب ذويهم وحرمانهم من زيارة مقابر أبنائهم، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي.. فإلى نص الحوار:

لماذا زادت الاعتقالات خلال السنوات الأخيرة؟

الاحتلال الاسرائيلي انتهج الاعتقالات منذ احتلاله لفلسطين، وباتت ظاهرة يومية مقلقة، حيث لايمر يوم واحد الا ويسجل فيه ما لايقل عن عشر حالات اعتقال، ويلجأ الاحتلال الى الاعتقالات كوسيلة للسيطرة على الشعب الفلسطيني وكأداة للقمع والاذلال والترهيب والعقاب الجماعي، ويمارسها في اطار سياسة ممنهجة، وان تلك الاعتقالات طالت كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني، صغارا وكبارا، ذكورا واناثا، وسجل منذ العام 1967 نحو مليون حالة اعتقال.

ماذا عن أعداد المعتقلين في سجون المحتل؟

يقبع الآن في سجون الاحتلال قرابة "6000 أسير فلسطيني"، موزعين على نحو (22) سجنا ومعتقلا ومركز توقيف، بينهم (250) طفل و(47) فتاة وسيدة و(500) معتقل إداراي و(7) نواب و(26) اسيرا منذ ما قبل اوسلو.

الفترة الأخيرة شهدت استشهاد عدد من الأسرى في سجون الاحتلال.. هل لديكم حصر بعدد شهداء الأسرى؟

الاعتقالات وما يصاحبها من اجراءات تعسفية تشكل انتهاكا للقانون الدولي، هذا بالاضافة إلى أن جميع من مرّوا بتجربة الاعتقال كانوا قد تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي أو المعاملات غير الإنسانية والحاطة بالكرامة، ويتعرضون كذلك للاهمال الطبي، ومجمل هذه العوامل والمعطيات القاسية وشروط الحياة الصعبة داخل السجون أدت الى استشهاد نحو (218) أسيرا منذ العام 1967، 63 منهم استشهدوا نتيجة الاهمال الطبي، و73 استشهدوا نتيجة التعذيب، و(75) نتيجة القتل العمد و(7) اسرى بعد اطلاق الرصاص الحي عليهم وهم داخل السجن، هذا بالاضافة الى مئات آخرين استشهدوا بعد خروجهم من السجن بسبب امراض ورثوها داخل السجون امثال "مراد ابو ساكوت و فايز زيدات واشرف ابو ذريع ومجدي حماد ومحمود سلمان وهايل ابو زيد ونعيم الشوامرة وغسان الريماوي وجعفرعوض" والقائمة تطول.

دعنا نتحدث عن شهداء الحركة الأسيرة الذين يحتجز الاحتلال جثامينهم؟

يعتبر الاسير "فارس بارود" الذي استشهد اوائل فبراير الماضي هو آخر الاسرى الذين استشهدوا داخل السجن، وما زالت جثمانه محتجزة لدى سلطات الاحتلال والتي ترفض تسليمها وهذا يفتح ملف اكثر من (250) جثمان لشهداء فلسطينيين محتجزة لدى سلطات الاحتلال.

ولعل احتجاز جثامين الشهداء هي واحدة من أكبر وأبشع الجرائم الأخلاقية والقانونية والإنسانية والدينية التي ترتكبها دولة الاحتلال على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وأن دولة الاحتلال هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه الجريمة بشكل علني في إطار سياسة رسمية ومعلنة، فقبل بضعة شهور أقر الكنيست الاسرائيلي قانونا يجيز احتجاز جثامين الشهداء، في تحدي صارخ للقانون الدولي.

إذن ما الهدف من إحتجاز جثامين "الشهداء" لفترات طويلة؟

سلطات الاحتلال تهدف إلى الانتقام من الشهداء ومعاقبتهم بعد موتهم، وتعذيب ذويهم وإيذائهم عمدا، وردع الأحياء من بعدهم، واستخدمت سلطات الاحتلال احتجاز الجثامين لغرض الضغط والابتزاز والمساومة، كما وتمنع عائلات الشهداء من الوصول إلى أضرحتهم أو حتى الاقتراب من المقابر التي يدفنون فيها وما تعرف بـ:"مقابر الارقام" أو إلى الثلاجات المحتجزين بداخلها.

واحتجاز الجثامين ممارسة منافية لكل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية؛ لاسيما اتفاقيات جنيف الأولى والثالثة والرابعة، والتي نصت في بعض موادها على حق الموتى في التكريم، وألزمت دولة الاحتلال بتسليم الجثث إلى ذويها، ومراعاة الطقوس الدينية اللازمة خلال عمليات الدفن، بل وحماية مدافن الموتى وتسهيل وصول ذويهم إلى قبورهم، واتخاذ الترتيبات العملية اللازمة لتنفيذ ذلك، إلا أن سلطات الاحتلال لم تعير وزنا للقانون ولم تلتزم بتوجيهات وتعليمات المنظمات الدولية، وانما استمرت في جرائمها دون مساءلة.

يشهد سجني "النقب وريمون" في الأونة الأخيرة توترا شديدا بين الأسرى مصلحة السجون كيف ترى الوضع هناك؟

ما يحدث في سجني النقب وريمون لا يمكن فصله عما سبقه من أحداث، كما ولايمكن عزله عما اقره الكنيست الاسرائيلي من قوانين وما اصدره وزير الامن الداخلي "جلعاد اردان" من قرارات والتي كانت جميعها تهدف الى التضييق على الأسرى ومصادرة ما تبقى لديهم من حقوق، و"الانقضاض عليهم والاساءة اليهم وتجريم مقاومتهم وتقديمهم للعالم على انهم مجرمين وقتلة ولا يستحقون الحياة، ويجب قتلهم آجلا ام عاجلا، بشكل فوري او ببطء عبر زرع الامراض لتبقى تلازمهم حتى لما بعد التحرر".

 تحت العناوين سالفة الذكر تصاعدت الهجمة بحق الاسرى واستهدفت كل شيء في محاولة اسرائيلية لاعادة الاوضاع الى ما كانت عليها اوائل سبعينيات القرن الماضي وعودة الحركة الاسيرة الى المربع الاول، فازاد القمع والتنكيل واتسع المنع والحرمان وارتفعت وتيرة الاقتحامات والاعتداءات واستخدام القوة المفرطة وامعنت ادارة السجون في انتهاكاتها الجسيمة واهمالها للاسرى المرضى، ولم تكتف بذلك بل اقدمت مؤخرا على تركيب اجهزة تشويش "بذريعة الامن"، وان هذه الاجهزة يصدر عنها "اشعاعات مسرطنة" تسبب الكثير من الآلام والامراض للاسرى بما فيها مرض "السرطان"، وتلك العوامل والأسباب دفعت الاسرى للتحرك والدفاع عن كرامتهم وحماية اجسادهم فطالبوا برفع الاجهزة، الا ان ادارة السجون رفضت ذلك واصرت على بقائها، مما وتر الاجواء وادى لحدوث مواجهات هنا وهناك، وما زالت الاوضاع متوترة وتنذر بانفجار ما لم تغير ادارة السجون من سياستها وتتجاوب مع مطالب الاسرى الانسانية.

بالعودة لملف الشهداء الأسرى ومقابر الأرقام.. إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية ما رأيك؟

نعم هذا صحيح.. فهي تضرب بعرض الحائط بكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وتعتبر نفسها دولة فوق القانون، وتعزز لدى اجهزتها ثقافة الافلات من العقاب في كل ما له علاقة بمعاملة الفلسطيني، وليس فقط فيما يتعلق باحتجاز الجثامين.

ولكن دعنا نقول وبصراحة: "ان ضعفنا وانقسامنا وصمت المنظمات الدولية وتخاذل بعضها هو ما مكن وشجع دولة الاحتلال على التمادي في انتهاكاتها وجرائمها"، الامر الذي يتطلب وحدتنا في مواجهة ذلك والضغط بوسائل مؤثرة على المنظمات الدولية لدفعها للتحرك وتحمل مسؤولياتها الاخلاقية والانسانية والقانونية تجاه ما يجري بحق أسرانا في سجون الاحتلال الاسرائيلي.

هل فكرتم في تدويل قضية الأسرى وفضح جرائم الإحتلال؟

نحن من جانبنا طرقنا ابواب المنظمات الدولية مرارا وسنواصل طرقها ولكننا بحاجة الى مشاركة الاخرين وبدعم عربي ودولي كي نحدث بالفعل التغيير الجوهري في موقف وفعل المنظمات الحقوقية الدولية، وبما يضمن تأثيرا أكبر على سلطات الاحتلال، وبما يضمن كذلك الزامها باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية في تعاملها مع الاسرى والمعتقلين في سجونها.

وفي هذا السياق لابد وان نشيد بكل الجهود الفلسطينية والعربية والدولية التي تعمل معنا وتبذل من اجل قضية الاسرى وفضح ما يتعرض له الاسرى وعائلاتهم من انتهاكات وجرائم. وهذا يقودنا ايضا الى الاشادة بدور الاعلام في فضح الممارسات الاسرائيلية بحق الأسرى.