مروان الفلسطيني
بهاء رحال
مروان الفلسطيني
الكوفية لم تكفّ يدُ الاحتلال وقادته عن محاولات اغتيال مروان البرغوثي، قبل السجن والاعتقال، وفي زنازين العزل التي أكلت من عمر أبي القسام. ولم يكن ذلك المجرم بن غفير أولَ من اعتدى عليه، ولا أولَ المخطِّطين المؤيِّدين والداعمين لاغتياله، بل كانوا جميعًا من شامير وحتى موفاز وشارون وغيرهم ممن عملوا على اغتيال مروان البرغوثي بكل أشكال الاغتيال النفسي والجسدي، وعملوا على تغييب حضوره، منذ كان قائدًا في الشبيبة الفتحاوية سنواتِ دراسته في جامعة بيرزيت، وحتى انتفاضة الأقصى التي كان قائدها واليدَ العرفاتية الأولى التي ما انتكست ولا اختبأت، بل بقيت ترفع شارة النصر وتلوّح للجماهير بقوة وصلابة. فمروان شكّل لكل حكومة من حكومات الاحتلال هاجسًا أقلق كيانهم، وهو في عزلته ينتصر عليهم بحضوره القوي رغم محاولات تغييبه، وقيادته الحكيمة رغم عقود من السجن والاعتقال، وروحه التي تعيش معنا، وصورته النقية بالفداء، واتزان فكرته نحو ضرورة الوحدة كهدف ضروري من ضرورات البناء على قاعدة فلسطين واحدة، حرة ومستقلة.
إن الاحتلال كان يعلم منذ البداية أن مروان البرغوثي خطرٌ حقيقي على كيان الاحتلال والاستيطان، وأنه يمثل حالة استنهاض واعية وقادرة على لمِّ الشمل الفلسطيني، وهو يشكل رايةً من رايات فلسطين الموحَّدة ورمزًا قادرًا على لَمّ الشتات الوطني والسياسي معًا. لهذا، فإن حكومات الاحتلال بقيت تتداعى للتخلص منه واغتياله نفسيًا وجسديًا بعد أن فشلت في تغييبه، وسقطت كل سياسات السجن والسجّان، وكلّ سنوات العزل الانفرادي، في النيل من صورة مروان وحضوره الذي يزداد وتتّسع شعبيته في كل الأوساط التي عرفته وعملت معه، أو الأجيال الصاعدة التي عرفت مروان من خلال صورته التي بقيت تحفظ مهابةَ الفلسطيني المؤمن بحتمية الحرية.
مروان البرغوثي الفكرةُ النبيلة والواعية القادرة على بعث الروح، والعقيدةُ الوطنية التي تستمد حضورها من تاريخ الأوّلين، والنهجُ الذي لا يتبدل أو يتلوّن، بل يتماسك في أشدّ الظروف وأخطر الأوقات، ليعبر كل مستحيل، ويصل بنا برَّ الأمان.
وهذا مروان البرغوثي الذي لن نفيه حقَّه، وهو يمنحنا كل الأمل من زنزانته، ويعطينا القوة رغم عزله وسجنه. وأمام مشهد الاستهداف الذي يتعرض له، فإن الضغط الدولي والسياسي يجب أن يتضاعف من أجل نيل مروان حريته، وأن يتحرر من سجنه، وألّا يبقى رهينةً لكل متطرف في حكومة الاحتلال ينادي بقتله وتصفيته.