نشر بتاريخ: 2019/06/22 ( آخر تحديث: 2019/06/22 الساعة: 10:47 )
خورشيد دلي

المعركة الفاصلة في إسطنبول

نشر بتاريخ: 2019/06/22 (آخر تحديث: 2019/06/22 الساعة: 10:47)

تحولت المعركة الانتخابية بين مرشح المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو ومرشح حكومة حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم، على رئاسة بلدية إسطنبول إلى معركة سياسية فاصلة منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في عام 2002، ولعل أهمية هذه المعركة لا تنبع من إعادة الانتخابات بعد نزع الفوز من إمام أوغلو بحجة وقوع مخالفات في الجولة الأولى، بل من الفارق القليل في النتائج أولا، وثانيا من الدور السياسي والاقتصادي والمالي لإسطنبول في الحياة العامة التركية، وسبق أن قال الرئيس أردوعان إن من يفز بإسطنبول يحكم تركيا. يلدريم وفي تطلعه للفوز يعتمد على تحالف حزبه (العدالة والتنمية) مع حزب الحركة القومية المتطرفة بزعامة دولت باهجلي وعلى الضخ الإعلامي القوي، بحيث تسيطر حكومة "العدالة والتنمية" على أكثر من 90 في المئة من وسائل الإعلام التركية، لكن نقاط ضعف كثيرة تشوب شخصيته المحافظة، فالرجل يتحدث بلغة الماضي وعن الإنجازات في وقت تشهد تركيا أزمة معيشية كبيرة وتعثر اقتصادي وانهيار لسعر الليرة أمام الدولار وتوتر مع العديد من الدول، فيما يتحدث إمام أوغلو بصيغة المستقبل، وأنه سيفعل كذا وكذا في حال فوزه، فضلا عن مكافحة الفساد وتعزير الديموقراطية في البلاد. وفي الأساس، ثمة عوامل كثيرة تصب في مصلحة إمام أوغلو وترجح فوزه في هذه المعركة الصعبة، ولعل من أهم هذه العوامل:

1- أن نزع الفوز من إمام أوغلو بعد فوزه بالجولة الأولى، خلق المزيد من التعاطف الشعبي معه، إلى درجة أن عشرات آلاف من المتطوعين والمتبرعين أعلنوا انخراطهم في حملته الانتخابية في مواجهة يلدريم، كما أن شخصيته الهادئة، وحكمته في قبول خوض جولة ثانية، أكسبته المزيد من الاحترام حتى في صفوف حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه يلدريم.

2- إعلان العديد من الأحزاب الصغيرة التي تشارك في هذه الانتخابات أنها ستصوت لإمام أوغلو، إذ تقدر أصوات هذه الأحزاب بنحو نصف مليون ناخب.

3- دعوة الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين ديميرداش أكراد اسطنبول إلى التصويت لإمام أوغلو، حيث يشكل هؤلاء قرابة 10 في المئة من نسبة الناخبين في المدينة، وقد قطعت دعوة ديميرداش الطريق أمام التكهنات بأن الأكراد سيصوتون لصالح يلدريم بعد تصريحات لزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبدالله أوجلان، والتي فسرها كثيرون بأنها دعوة للتصويت لصالح يلدريم على أمل اطلاق عملية سلام جديدة بشأن القضية الكردية.

4- أن الحملة الانتخابية لإمام أوغلو والتي أطلق عليها شعار "كل شيء سيصبح جميلا جدا"، نجحت في بعث الشعور لدى الأتراك على أن إمام أوغلو بات يمثل الأمل والتغيير، في مقابل سلطة حكم الحزب الواحد التي عمقت من ممارساتها الأمنية ضد كل من يناهض أو يختلف مع سياسة أردوغان منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة.

5- نجاح إمام أوغلو في تحميل حكومة "العدالة والتنمية" مسؤولية أزمة اللاجئين السوريين وأعبائهم على البلاد والمجتمع، في وقت تتسع الأصوات التركية المطالبة بضرورة إعادة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم، وقد نجح إمام أوغلو في استدراج يلدريم إلى ملعبه بخصوص قضية إدارة ملف اللاجئين السوريين، من خلال تصريحات وإصدار قرارات تخالف السياسة المعلنة لحكومة "العدالة والتنمية" بخصوص اللاجئين السوريين.

6- انطلاقا من كل العوامل السابقة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن إمام أوغلو يتقدم بفارق نقطتين تقريبا على خصمة يلدريم، فيما يتحدث البعض عن فارق أكبر من ذلك بكثير.

وبغض النظر عن صحة هذه الاستطلاعات، فإن فوز إمام أوغلو من جديد، سيشكل صدمة كبيرة لحزب العدالة والتنمية، ويعمق من جروحه الكثيرة، ولاسيما في ظل ارتفاع أصوات قادة كبار من حزب العدالة والتنمية من أمثال أحمد داود أوغلو والرئيس السابق عبد الله، وانتقادهم المستمر لأردوغان، وهو ما قد يؤدي إلى تصدعات كبيرة في الحزب وحكمه.