أيـهـا الـحـامـلـون ألـويـة العار تخلوا عن حومة الميدان.. سَـلّـمـوا الـشـعـب أمـره واستريحوا.. عبد الكريم الكرمي في سطور
أيـهـا الـحـامـلـون ألـويـة العار تخلوا عن حومة الميدان.. سَـلّـمـوا الـشـعـب أمـره واستريحوا.. عبد الكريم الكرمي في سطور
غزة - محمد جودة: ولد عبد الكريم الكرمي في طولكرم، وتلقى دراسته الإبتدائية في طولكرم، ثم في مدرسة "الملك الظاهر" في دمشق. وتابع دراسته الإعدادية في مدينة السلط، والثانوية في "مكتب عنبر" بدمشق حيث نال شهادة البكالوريا السورية سنة 1927.
بدأ نشاطه الوطني في سن مبكرة عندما كان طالباً في مدرسة "الملك الظاهر"، ثم في "مكتب عنبر"، فكان يشارك في المظاهرات والإضرابات الطلابية، كالمظاهرة التي جرت احتجاجاً على قدوم اللورد بلفور إلى دمشق في نيسان/ أبريل 1925، والإضرابات التي نظمت ضد الانتداب الفرنسي وتضامناً مع الثورة السورية التي اندلعت في تموز/ يوليو 1925.
عاد عبد الكريم الكرمي سنة 1927 إلى فلسطين، وعُيّن معلماً في المدرسة العمرية، ثم في المدرسة الرشيدية بالقدس، وعكف ليلاً على دراسة الحقوق في "معهد الحقوق" بالقدس. وخلال فترة دراسته، كان يكتب بعض المقالات الأدبية في جريدة "مرآة الشرق"، كما اشترك في تأسيس "عصبة القلم" مع عدد من الأدباء المعروفين، ومنهم خليل البديري، ورئيف خوري، وشارك في نشاطات "جمعية الشبان المسيحيين" و"النادي الأرثوذكسي العربي" في القدس وحيفا.
نَظَم في بداياته الأدبية قصيدة بعنوان "جبل المكبِّر يا فلسطين" هاجم فيها سلطة الانتداب البريطاني لإنشائها، في أواسط الثلاثينيات من القرن العشرين، قصر المندوب السامي على "جبل المكبر" الذي أشرف منه الخليفة عمر بن الخطاب على القدس مكبِّراً عند قدومه إليها بعد فتحها سنة 638 م، مشبهاً هذا القصر بسجن الباستيل.
نَظَم عبد الكريم الكرمي، بعد صدور بيان الملوك والأمراء العرب في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 1936 الذي يدعو الفلسطينيين إلى وقف إضرابهم العام ضد السياسة البريطانية المؤيدة للصهيونية، قصيدة يهجو فيها هؤلاء الملوك والأمراء بعنوان "لهب القصيد"، أثارت ضجة واسعة وأصبحت جزءاً من تراث ثورة 1936.
بعد أن أقالته السلطات البريطانية من وظيفته في المدرسة الرشيدية، عقاباً على قصيدته، عمل الكرمي في القسم الأدبي التابع للإذاعة الفلسطينية، وواصل دراسته في معهد الحقوق الذي تخرّج فيه سنة 1941، وانتقل إلى حيفا، حيث زاول مهنة المحاماة حتى سنة 1948.
اضطُر إلى مغادرة حيفا في أواخر نيسان/ أبريل 1948، عشية سقوطها في يد القوات الصهيونية، واتجه لاجئاً إلى دمشق، عن طريق لبنان، حيث عمل مدرساً ثم موظفاً في وزارة الإعلام ثم محامياً.
شارك في المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول الذي عقد في القدس في أواخر أيار/ مايو 1964، والذي أعلن فيه قيام منظمة التحرير الفلسطينية، كما شارك في كل المجالس الوطنية المتعاقبة حتى رحيله.
عُيّن الكرمي مسؤولاً عن التضامن الآسيوي- الأفريقي لدى منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مشاركته، موفداً عن المنظمة، في أعمال المؤتمر التأسيسي لـ "منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي" الذي عقد بالقاهرة سنة 1965. كما شارك في مؤتمرات "اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا" و"مجلس السلم العالمي".
منحه "اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا" جائزة "اللوتس" السنوية للآداب، التي تسلمها في 1 تموز/ يوليو 1979 من رئيس جمهورية أنغولا. وفي السنة نفسها، أقامت منظمة التحرير الفلسطينية احتفالاً له في بيروت بحضور قادة الثورة الفلسطينية ورجالاتها وشعراء من عدد من الدول العربية.
انتخب عبد الكريم الكرمي سنة 1980 رئيساً للاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين.
خلال مشاركته في أحد مؤتمرات التضامن بموسكو، شعر عبد الكريم الكرمي بتوعك صحي فنُقل إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث توفي في إثر عملية جراحية أجريت له في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 1980.
نُقل جثمانه إلى دمشق، حيث جرت له جنازة حافلة رسمية وشعبية، ودفن في مقبرة الشهداء.
عبد الكريم الكرمي من شعراء فلسطين الفحول. أديب ومناضل ربط بين النضال الوطني والقومي والأممي وتوجّه خصوصاً إلى الأطفال، أمل المستقبل. جمعته صداقة وثيقة بالشاعر إبراهيم طوقان وكان على صلة بالشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود. اختار لقب "أبو سلمى" توقيعاً لمقالاته وقصائده.
منحته منظمة التحرير الفلسطينية ، سنة 1990، وسام القدس للثقافة والفنون والآداب.
من آثاره:
في الشعر:
"المشرد"، دمشق: المكتبة الكبرى للتأليف والنشر، 1953 .
"أغنيات بلادي"، دمشق: مطبعة الترقي، 1959 .
"أغاني الأطفال"، دمشق: مكتبة أطلس، 1964 .
"من فلسطين ريشتي"، بيروت: دار الآداب، 1971.
"ديوان أبي سلمى، الأعمال الكاملة": بيروت ، دار العودة ، 1978 .
في النثر:
"كفاح عرب فلسطين"، دمشق: منشورات مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين، 1964.
"آثار أحمد شاكر الكرمي الأدبية والنقدية والقصصية"، دمشق: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1964.
"الشيخ سعيد الكرمي"، دمشق: المطبعة التعاونية، 1973.
أشهر ما كتب
مِـنْ " فـلـسـطـيـن " ريشتي وَبَياني فعَلى الخُلْدِ والهوىَ يَدْرُجانِ
مِنْ " فلسطين " ريشتي ، وَمِنَ " الرَّملةِ " و" اللِدّ " صُغتُ حُمْرَ الأَغاني
مِـنْ شـذا بـرتـقـال " يـافا" قوافيها ومن سهل "طولكرم" المعاني
أَحـرفـي مـن قـطـاع "غـزة" والشاطئ تمشي مصبوغة الأردان
يـوم غـابـت نـابـلـس مـخضلَّةَ العينين ، لم تغتمض لنا عينان
مـن " فـلـسطين" ريشتي ، وجناحاها إلى عالم الجوى ، الضفـتان
ومـن "الأُردن" الـحـبـيـب أُروّيـهـا لـتـندى ، شجيّة الألحان
ومـن الـضـفـة الـحـزينة ، لا أنشر إلاَّ – فوق الدُّنى – أشجاني
* * *
ريـشـتـي فـي يدي ، ومن جبل النار لظاها ، فالحرف أحمرُ قان
ريـشـتـي فـي مـدادهـا الدَّمُ والدَّمعُ ، وراءَ السُّطور ، يمتزجان
ريـشـتـي فـي حـفـيـفها جهشةُ الأقصى على أهلهِ ونوحُ الأذان
" ديـر يـاسـيـن " فـي الشَّباةِ مع " القسطل " خلف السّواد يعتنقان
ريـشـتـي فـي يدي أخوضُ عُبابَ الهول،طلق الجناح،ثبت الجنان
تـرتـمـي حـولـهـا الأعاصير أشلاءَ ، إذا ما جرت وراءَ بناني
ريـشـتـي فـي يـدي ، تسير أمام الشعب في زحفها على الطغُّيان
ريـشـتـي فـي يـدي ، تشقُ الدُّروب البكرَ ، تحمي حرية الإنسان
* **
أيـهـا الـحـامـلـون ألـويـة العار !... تخلوا عن حومة الميدان
سَـلّـمـوا الـشـعـب أمـره واستريحوا يا حماة الأصنام والأوثان
كُـلُّ جـيـش يـكونُ حرباً على الشعب ، ذليلٌ ، إذا الْتقى الجْمعان
عـاصـفٌ بـيـن أهـلـهِ ونـسـيـمٌ لـلمغيرين ، شأن كل جبان
يـومَ هَـبَّـتْ عـلـى حـدودكـم الـنَّـارُ ، جثوتم أمام كل دخان
يـأنـفُ الـتُـرب أن تـمـرّوا عـلـيـه وتصابُ الرمالُ بالغثيان
كُـلَّ يـوم تـجـددون الـشـعـارات ، فـراراً مـن أزمةِ الوجدان
بـعـد حـربِ الـتَّـحـريـر قد أصبح اليوم شعاراً ، إزالةُ العدوان
* * *
وتــقـولـون دولـةٌ .. ونـراكـم دولاً ، كـلُّ دولـةٍ بـكـيـانِ
وتـقـولـون : وحـدةٌ .. ولـديـكـم كـلُّ جُـزءٍ مـجـزَّأٌ لِثمانِ
ثُـمَّ حـريـةً .. تـقـولـون لـلـنـاس ومـا فـيكمُ سوى سَجَّان
وتـقـولـون : نـحـنُ نَحكُمُ باسمْ الشعب ... أستغفرُ العظيم الشَّان
أيـنَ تُـمـسُـون ؟! لو غدا كلُ شعبٍ حاكماً في البلاد ذا سُلطان!..
* * *
وتـحـلُّـون .. كـلّـمـا أقـبـلَ الـلَّيلُ .. خفايا أُموركم ، باللّجان
هـلْ تـداوون بـالـبـيـانـات جُرحاً أو يُزيل اجتماعكم ما نعاني
لـيـتَ شِـعـري !.. مـتى يُفجّرُ شعبي في "فلسطين" ثورة البُركان
و "فـلـسـطـيـن" لـن تـضيعَ وأهلوها يخوضون هولَ كلّ عَوان
إنّ جـيـشَ الـشَّـعـب المُشرَّد أقوى من جيوشِ الحرير والطَّيلسان
إنّ جـيـشـاً يُـرجى لتحرير شعبٍ غيرْ جيشِ الكرسي والصَّولجان
* **
شـعـراءَ الـجـلـيـل والشاطيء الغربيّ ! .. أنتمُ طلائعُ الفُرسان
شِـعْـرُكُـمْ – مثلكم – خلوداً ويسري من "فلسطين " فيه نفحُ الجِنان
من "شفا عمرو" الجريحةِ و "البِروةِ" من "كوكب الهواء"ومـن "بيسان"
زنـتـمُ الـلـيـل بـالـحـروف نـجوماً يا أحباي في أحب مكان
تـتـحـدّون بـالـقـوافـي الـمـدمـاةِ نضالاً ، عصابة الشيطان
طـلـعَ الـشـعـر فوق أرضكم الخضراء غرساً مخضَّب الأغصان
كـل شـعـر سـواهُ ، تـلـوي بـه الـريح ، ويطويه عالم النَّسيان
شـعـركـم وحـدهُ يُـعـمّـقُ في الأرض جذورَ الصُّمود والعنفوان
شـعـركـم وحـدهُ المجلجل في السّاح ، رفيقُ السّلاحِ في المَعْمعَان
* * *
أيـهـا الأهـل ! – في القطاع وفي الضفة ، لو تُنطق الدموعُ لساني
يـعـصـب الـجـمـرُ جـانـبيه ، وهل أبلغُ مما لم تَرْوِهِ الشفتان
تـلـك أكـبـادُنـا الـمُـمـزقـة ، الحرَّى ، على كلّ شفرةٍ وسِنانِ
* * *
أيـهـا الـثـائـرون فـي جـبـل الـنار !.. وُقيتم غوائل الحدثان
دمُـكُـمْ وحـده يُـروي الـبـطـولات .. وتـغلون تُربةَ الأوطان
عـنـدمـا تـخـطـرون .. تزدهرُ الأرضُ وتُهدي غلائل الريحان
نـحـنُ أسـرى .. وأَنـتمُ أنتمُ الأحرارُ .. خلفَ السُّجون والقُضبان
الـفـدائـيُّ وحـدهُ الـنَّـاشـرُ الأمـجاد .. فوقَ المُروج والغُدران
إنـهُ وحـدهُ الـمـعُـصّـبُ فـي الخُلّد .. إذا قيلَ فارسُ المهرجان
* * *
أتُـراهـا الأيـام فـوق الـسفوح الخضر ، ترمي بنا وفوق الرّعان
نـتـلاقـى .. رفـاق دربٍ .. كـما كُنَّا ونمضي نجتاز عبرَ الزَّمان
لـنْ تُـضـيءَ الـدُّنـيا .. إذا لم يُطلَّ الفجرُ من أرضنا مع النيران