خاص|| "العيسوية"..بلدة ثائرة تنتفض في وجه الحصار والعقاب الجماعي
خاص|| "العيسوية"..بلدة ثائرة تنتفض في وجه الحصار والعقاب الجماعي
كتبت- زينب خليل:
على جبل متوسط الارتفاع تصطف منازل الفلسطينيين في بلدة العيسوية شمال شرق القدس المحتلة لتشكل تجمعات ملتصقة بأرض شوهتها أيادي الاحتلال الغاشم وحولتها إلى مكان محاصر بعيدا عن حلم الوطن المحرر، فهي واحدة من البلدات التي يشكّل الظلم الإسرائيلي بحق أهاليها قاعدةً للانتفاض والهبات الشعبية المتكررة.
البلدة التي تقع إلى الشرق من مدينة القدس المحتلة، ويبلغ عدد سكانها قرابة 20 ألف نسمة، تعرضت فجر اليوم ، لحملة مداهمات واعتقالات تعسفية من قبل الاحتلال الإسرائيلي طالت سبعة مقدسيين بينهم طفل وفتاة.
ولا يمكن أن يمر حدث في المدينة المقدسة إلا وتسجل العيسوية بأبنائها الثائرين سجلا كاملا من المواجهة مع جنود الاحتلال، ولذلك يحلو للفلسطينيين تسميتها بـ "غزة الصغرى".
معاناة يومية
معاناة على مدار الساعة يتجرعها الأهالي هناك جراء الإجراءات القمعية والتعسفية التي يمارسها جنود الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، أعمال عربدة واقتحام للمنازل وتفتيش همجي خارج إطار القانون، يتعذبون خلال دخولهم او مرورهم وخروجهم من البلدة، وتخالف مركباتهم بمخالفات مالية باهظة بشكل مقصود، كل ذلك يندرج ضمن سياسة العقاب الجماعي الهادف إلى خنق البلدة والتضييق عليها لإجبار المواطنين على ترك أراضيهم وممتلكاتهم لأهداف استيطانية توسعية.
فمنذ استشهاد الشاب محمد سمير عبيد (20 عاما) من العيسوية في السادس والعشرين من يونيو الماضي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي توزيع 4-5 فرق لشرطة الاحتلال على مداخل البلدة، تقوم بأعمال استفزازية تدفع البلدة إلى مربع المواجهة الدائم.
ضغط اجتماعي ونفسي
يقول عضو لجنة المتابعة في العيسوية محمد أبو الحمص: إن الاحتلال يضغط اجتماعيَّا ونفسيَّا على أهالي العيسوية لتحقيق هدف سياسي إستراتيجي لدفعهم للرحيل عن البلدة وفرض واقع جديد بالتغلغل في الأحياء العربية وتهويدها وفرض رؤيتهم للحل في القدس.
وأشار "أبو الحمص" في تصريحات له ،أن الاحتلال وبعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) يضغط بكل الطرق والسبل على المقدسيين، ويرى في الهجمة على العيسوية محاولة لبث الخوف في نفوس أهالي البلدات الأخرى، وأن ذلك يأتي بإيعاز من أعلى الهرم في حكومة الاحتلال.
وشدد على ضرورة التحرك المقدسي والشعبي الفلسطيني لإيقاف الهجمة الإسرائيلية بحق البلدة، مشيرا إلى أن الاحتلال يريد إجبار أهالي البلدة على التسليم بالأمر الواقع وتقبل الاقتحامات اليومية لجنوده بشكل اعتيادي وعدم رفضها، وعدم المطالبة بتحسين حياتهم اليومية إلا على طريقته.
في حين يرى الناشط المقدسي فخري أبو دياب أن ردة فعل المقدسيين في العيسوية طبيعية للدفاع عن أنفسهم ومنازلهم من جنود الاحتلال الذين يحاولون التنكيل بهم، عادا أن انتفاضة العيسوية بعد استشهاد الشاب محمد عبيد (20 عاما) أدت إلى ارتعاب الاحتلال نفسه ومحاولته تطويق ما يجري وعدم تطوره.
وقال رئيس لجنة أهالي أسرى القدس، أمجد أبو عصب، إن قوات الاحتلال اعتقلت منذ استشهاد عبيد ما يقارب 70 إلى 80 مواطنا.
شجرة الخروب
وشكلت العيسوية حالة استثنائية في النضال الوطني شهدت لها السنوات السابقة في ولائها للقدس وللقضية، وغالبا ما يخوض الأهالي مواجهات مع الاحتلال كلما وقع انتهاك في حق أي منطقة فلسطينية، خاصة القدس.
ويرجع سبب تسميتها إلى سيدنا عيسى عليه السلام عندما مر على العيسوية واجتمع مع عشرة من الرجال تحت شجرة خروب اعتبرت فيما بعد معلما من معالم البلدة، وقد وقعت تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي في حرب الرابع من يونيو عام 67.
التوسع الاستيطاني
ومنذ احتلال القدس في عام 1967 صادر الاحتلال مساحات واسعة من أراضي البلدة لمصلحة المشاريع التوسعية الاستيطانية، وبناء الشوارع الالتفافية والقواعد العسكرية، وعزل الجدار الفاصل نحو 7 آلاف دونم من أراضي البلدة، إضافة لمخطط إنشاء "حديقة قومية" ستلتهم 450 دونما من أراضي البلدة.
وسيؤدي تنفيذ مخطط الحديقة، والذي جُمّد مؤقتا في تشرين الأول 2013 نظراً للضغط الدوليّ، إلى الاستيلاء على المساحات الوحيدة المتاحة والباقية لدى أهالي الطور والعيساوية للتوسع العمراني، وقد صودرت حتى اليوم المئات من الدونمات من أراضي العيساوية لمصلحة بناء هذه الحديقة، ولبناء مكب للنفايات الصّلبة.
ويطمح هذ المشروع الاستيطاني إلى وصل منطقة "E1" ومستوطنة معاليه أدوميم بالقدس، وفي المقابل عزل القدس عن بقية الضفة الفلسطينية، ومنع التواصل الجغرافي الفلسطيني، وقطع العيساوية عن شعفاط وعناتا.
وعلى مدار سنوات الاحتلال قدمت العيسوية أكثر من عشرة شهداء وألف أسير ما زال العشرات منهم في سجون الاحتلال يقضون أحكاما تتراوح بين المؤبد والإداري، وكما غيرها من بلدات شرق القدس المحتلة تعاني من إهمال بلدية الاحتلال للخدمات الرئيسية فيها وتعمد التنغيص على سكانها في هذا الجانب بهدف الضغط عليهم وترحيلهم.