نشر بتاريخ: 2020/08/25 ( آخر تحديث: 2020/08/25 الساعة: 09:05 )
بقلم: حيمي شليف

نتنياهو يتفوق على سيده ترامب!

نشر بتاريخ: 2020/08/25 (آخر تحديث: 2020/08/25 الساعة: 09:05)

العنف الذي استخدمته الشرطة في تفريق التظاهرة بشارع بلفور، في نهاية السبت الماضي، لم يكن صدفة أو مفاجئاً. فبعد أن قام رئيس الحكومة بالتحريض بشكل مباشر ضد المتظاهرين، وطلب الوزير أمير أوحانا اقتحام التظاهرة، فهم كبار رجال الشرطة جيداً روح القائد، حتى لو لم يتلقوا تعليمات مفصلة ومباشرة، وعملت فرقهم طبقاً لذلك.

مثلما في حالات أخرى، آخذة في التزايد، أيضاً الانقضاض الشرطي المتعمد أمام مقر بنيامين نتنياهو بدا كأنه سرقة أدبية مأخوذة بشكل مباشر من دليل دونالد ترامب للقادة المتوترين، الذين لهم ميول استبدادية. يقدم سلوك ترامب بالأمس واليوم أخيراً التنبؤ الأكثر دقة بالنسبة لخطوات نتنياهو في الغد وبعد غد.

لم يخترع نتنياهو تشويه وجه المتظاهرين واعتبارهم فوضويين وخارقين للقانون وينشرون الأمراض، هكذا رد ترامب كلمة بكلمة، على الاحتجاج الذي أغرق أميركا بعد قتل جورج فلويد في مينيابوليس، وبصورة أشد على التظاهرات التي اندلعت في بداية الصيف خارج مقره في البيت الأبيض.

ومثل ترامب قبله، أيضاً نتنياهو انضغط من التظاهرات أمام منزله، ومن الخوف من أن يظهر مذعوراً منها. أيضاً توصل إلى استنتاج بأن استخدام القوة الشرطية المبالغ فيها والكثيفة يمكن أن يرفع الحرج وأن يقلب الأمور رأساً على عقب.

يعتقد الزعيمان أن صدامات عنيفة بين سلطات القانون والمتظاهرين تخدمهم بشكل جيد: تزيد من حماسة القاعدة، تعزز صورتهم كزعماء أقوياء، وتؤكد كما يبدو ادعاءاتهم بأن الأمر لا يتعلق باحتجاج مشروع، بل بثورة عنيفة لأشخاص مثقلين بالأعباء يسعون إلى الاستيلاء على السلطة بالقوة. تضع المواجهة العنيفة ترامب ونتنياهو، في نظر مؤيديهم على الأقل، كمدافعين عن القانون والنظام أمام جمهور متآمر، يكره بلاده وشعبه.

مهّد الزعيمان الأرض عن طريق صرخات مباشرة وغير مباشرة ضد الشرطة بسبب ضعفها وعجزها. فقد زرعوا الصخب من أجل أن يحصدوا عاصفة من العنف، تساهم في تأجيج المشاعر وكذلك تضمن المواجهة القادمة. ومثل ترامب، أيضاً نتنياهو يعتقد أن حروب الشوارع تقسم الرأي العام وتعمق الاستقطاب وتحول الاحتجاج ضدهم إلى حرب ثقافية شاملة بين القبائل المتخاصمة. وهما مقتنعان بأنه عندما تدوي المدافع فإن الانتقاد يصمت. أفعالهم وإخفاقاتهم وتجاوزاتهم تتقزم، وتفتح الطريق أمام تعزيز حكمهم الشخصي والاستبدادي على حساب الديمقراطية وسلطة القانون.

لم يكن نتنياهو في الحقيقة بحاجة إلى ترامب من أجل أن يزيد خبرته في فنون الحرب السياسية، مثل الحيونة والتحريض المتواصل وتقسيم الشعب، التي تميز بها منذ دخوله الساحة السياسية. ولكن كشخص حذر وخائف بطبيعته، فقد أخذ من ترامب الشجاعة من أجل السيطرة على الأجندة العامة بوساطة تيار لا يتوقف عن التصريحات الهجومية والاستفزازية التي لا أساس لها. أن يكذب دون أن يرمش له جفن ودون أن يحسب أي حساب، وأن ينشر أخباراً كاذبة بالجملة، مباشرة في تغريدات ابنه البكر أو بوساطة الطائفة الآخذة في التزايد من ناشري الأخبار الكاذبة بشكل متعمد، والذين يصممون على تسمية أنفسهم صحافيين. تعلم نتنياهو من ترامب أنه يجب الرد على الشكوك والاتهامات بهجوم منفلت العقال على جهاز القانون والقضاء، ونشر افتراءات كاذبة ضد الشخصيات الكبيرة فيها واستبدالهم بأشخاص حقيرين ينفذون أوامرهم.

أضاف نتنياهو إلى الثمرة البيبية الحقيرة السم والكراهية وجنون العظمة والنرجسية والفوضوية المتجسدة في الترامبية. هذا المزيج الذي تكون أكثر اختفاء عن العين، لكنه لا يقل خطورة وفتكاً في إمكانيته. لن يطول اليوم الذي سيحمل فيه المؤيدون نتنياهو على أكفهم باعتباره الطالب الذي تفوق على أستاذه.