نشر بتاريخ: 2020/10/03 ( آخر تحديث: 2020/10/03 الساعة: 13:17 )
نضال أبو شمالة

الانتخابات الفلسطينية لن تتم

نشر بتاريخ: 2020/10/03 (آخر تحديث: 2020/10/03 الساعة: 13:17)

مع حلول عام 2009 بدأت الصيحات والدعوات تتعالى لإجراء الانتخابات الفلسطينية وتجديد الشرعيات، وعُقدت لقاءات المصالحة في العواصم العربية وفي مخيم شاطئ غزة وخرجت  جميع تلك الإجتماعات بضرورة إجراء الإنتخابات ، وقد أعلن الرئيس محمود عباس مرات عديدة عن ضرورة إجراءها من على كل المنابر بما فيها منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وأقر المراسيم حول ذلك ، وأرسل  الدكتور حنا ناصر  رئيس لجنة الإنتخابات المركزية  بجولات كعب داير  للإعداد والتجهيز  والتحضير للإنتخابات ، وتم فتح السجل الإنتخابي لتحديث بيانات الناخبين وإضافة ناخبين جُدُد كانوا أطفلاً عند أخر مرة جرت فيها الإنتخابات .

 منذ أحد عشر عاماً والجميع متحفز للإنتخابات وكأنها  ستجري غداً، ولكن يبدو أن غداً هذا لناظره ليس بالقريب.

المتابع للقاءات المصالحة الوطنية يجد أن الإنتخابات تبقى بعد كل جولة  معلّقة و موصدة على أسوار اللقاءات، و لم يَحن الوقت لها أن تنطلق نحو حياة ديمقراطية سياسة تُجدد فيها الشرعيات و تُضخ من خلالها الدماء على أمل أن تخرج القضية الفلسطينية من حالة موتها الإكلينيكي الى الإنبعاث من جديد على طاولة البحث والحضور الإقليمي والدولي .

 يبقى الشاهد على أي حفلة من حفلات اللقاءات الوطنية أن الوفود المُبتَسِمة فيها وعلى موائدها وعند عودتها من حيث أتت تصدِمُنا بمستدركات يطلقها كل طرف بعد مراجعة مرجعيته على ما تم بحثه لتعود دورة حياة الاستاتيكا السياسية الفلسطينية الفصائيلية  الى ما كانت عليه من سيرتها الأولى.

لم تتغير حالة الحراك الوطني الأخيرة بدوافع إنهاء الإنقسام وجسر الهوات نحو إحداث مصالحة وطنية حقيقية تُؤسس لمستقبل واعد  تُعلق عليه الآمال والطموحات نحو تحقيق حُلم الدولة ، بل جاء هذا الحراك كردة فعل على إعلان نتانياهو لقرار الضم في  تموز الماضي  واتفاقات التطبيع العربية مع دولة الإحتلال ، ومن هنا جاء عقد لقاء الفيديوكونفرس للأمناء العامين وما تلاه من ثنائية فتح وحماس في إسطنبول  وما جرى من كولسه في الدوحة  .

بعد لقاء ثنائية إسطنبول التي حظيت بإنتقادات من الجبهتين الشعبية والديمقراطية ومن كل فصائل الديكور  الوطني الفلسطيني الرافضة للقاءات الثنائية عند البحث والغوص في مشكلات الهم الوطني العام .

ما يهم هنا تباين  تصريحات  كل من فتح وحماس عقب لقاء إسطنبول وإن إتفقت التصريحات في  الإعلان  الفضفاض حول ضرورة  إتمام المصالحة  وإصلاح النظام السياسي الفلسطيني ، ولكن عند  متابعة التصريحات نرى أن الجُرح لا يزال غائراً والتباين  هو سيد الموقف  برغم تصريحات عزام الأحمد  الذي إذا تحدث كذب حيث أشار كذباً الى عقد لقاء الأمناء العامين وإصدار المرسوم الرئاسي الخاص بالإنتخابات سيكون في الثالث من اكتوبر الحالي ، وهنا لا أتهم عزام الأحمد بالكذب ولكن مرّ 3 اكتوبر دون أن يصدُق عزام.

أوجُه الخلاف بين فتح وحماس لا زالت قائمة وعبّرت الإجتماعات الخاصة بكل جهة عن هذه الإختلافات.

 ترى مركزية فتح بضرورة تشكيل قيادة  للمقاومة الشعبية  دون الإشارة الى المقاومة العسكرية الخشنة  وأقرت في إجتماعها أيضا إجراء الإنتخابات تباعاً للتشريعي والرئاسة ولم تأتِ مطلقاً على ذكر إنتخابات الوطني  وبقية ما جاء في البيان تفاصيل ، وهذا يعتبر موقف فتحاوي رسمي صادر  عن هضبة الهرم التنظيمي ، وهنا يمكن إضافة ما أعلن عنه السيد سرحان دويكات عضو المجلس الإستشاري في حركة فتح من مُستدرك فتحاوي ثابت ولا تنازل عنه حيث قال (نحن بحاجة لقانون واحد وسلطة واحدة  وسلطة تنفيذ للقانون )اي شرطي واحد ، وفيه إشارة الى ما يتمسمر عنده الرئيس أبو مازن وهو شرط حل للأجنحة العسكرية المسلحة  وخاصة كتائب القسام ،  وهذا ما لا تقبله حركة حماس قولا واحداً ، وأما بيان حركة حماس فقد أكد على التمسك بخيار المقاومة المسلحة حتى تحرير فلسطين وإقامة الدولة وعاصمتها القدس ،كما وأكد بيان حماس على أن الشراكة الوطنية تُبنى على إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني كاملاً على أسس ديمقراطية سليمة من خلال الإنتخابات الشاملة والحرة وخاصة في القدس وبالتزامن والتوافق الوطني بدءاً من منظمة التحرير أولاً ، في حين أشار حسام بدران عضو القيادة السياسية لحركة حماس  (أن الضفة الغربية هي قلب الصراع  ونحن معنيون بشكل مباشر في أن نقاوم الإحتلال  والإستيطان  ونُثبّت شعبنا في الضفة الغربية ) وهذه رسالة  واضحة للسلطة الفلسطينية بضرورة تهيئة الإجواء قبل المصالحة و إطلاق العنان لكتائب القسام للتحرك بحرية  لتنفيذ عملياتها المسلحة في الضفة الغربية .

مما تقدم  يتضح أن التباينات في المواقف  لا زالت قائمة وأن كل طرف متمسك بشروطه , وأن بيت القصيد وكلمة السر تكمُن في منظمة التحرير الفلسطينية  ورئاستها وحصة حماس في دوائرها   ومؤسساتها ومن ضمنها مؤسسة السلطة  .

لا زال أمل إجراء الإنتخابات بعيداً  ولا زلنا في المربع الاول من الخلافات الوطنية   وبالتالي لن تجرِ الإنتخابات في الأمد القريب  وستستمر عملية إدارة الإنقسام . لا يمكن للحالة الفلسطينية أن  تستقيم الا إذا توفّرت النية الصادقة في حل كافة المعضلات  وترتيب البيت الفلسطيني بعيداً عن ردات الفعل أو بناء المواقف في ضوء شماعة  التطبيع او بالانضمام الى تكويتات إقليمية لن نجنى منها سوا السراب وحفنات من المال لن تصل إليّنا إلا بموافقة الإحتلال وبضوء أخضر من ترامب، وعند بناء الموقف علينا إستحضار المثل الشعبي ( يا ماخد القرد على ماله بكره بروح المال وبضل القرد لحالو ).