نشر بتاريخ: 2020/11/12 ( آخر تحديث: 2020/11/12 الساعة: 06:45 )
بقلم: سمدار بيري

"يديعوت": صائب عريقات بقي متمسكاً بتحقيق السلام

نشر بتاريخ: 2020/11/12 (آخر تحديث: 2020/11/12 الساعة: 06:45)

في رحلة إلى جسر اللنبي، محطة العبور الى الأردن، قررت الدخول الى أريحا، لزيارة صائب عريقات. كانت هذه المرة قبل الأخيرة التي التقينا فيها وجها لوجه، جلسنا في الحديقة، وجد عريقات من الصواب التشديد في ذاك الحديث: «أنا مستشار كبير لأبو مازن، كنت مستشاراً كبيراً لعرفات، والعنف من الطرفين يبعث بي الجنون». عريقات نفسه لم يكن أبداً مشاركاً في العمليات. ولكن قبل شهر من ظهور «كورونا» لديه قرر أن يتهم جنود الجيش الإسرائيلي بنشر الفيروس في مناطق الحواجز، وفي حينه أيضا دعا إلى تنحية أمين عام الجامعة العربية من منصبه، «لأنه تخلى عن الفلسطينيين»، وانتقد انتقاداً حاداً الإمارات بسبب اتفاقات السلام مع إسرائيل.

يجدر الانتباه إلى أنه له علاقاته حول العالم وهو رجل ذكيّ، لم يرَ نفسه أبدا الزعيم التالي للفلسطينيين. سيذكر عريقات ككبير المفاوضين الفلسطينيين مع إسرائيل. وتحوّل حلم الدولتين مشروع حياته، ودرج زعماء المنطقة على دعوته اليهم، قبل اللقاء مع الرئيس الفلسطيني. كان هو الرمز البارز، وأتذكره منذ مؤتمر مدريد، شابا فلسطينيا ابن 36، نائباً لرئيس الوفد، حيدر عبدالشافي، وكي لا يتشوش أحد لحظة، احتل هو مكانه خلف الطاولة الطويلة، أمام الوفد الإسرائيلي، وأحاط رقبته بالكوفية الفلسطينية.

في السنوات الأولى ترك انطباعاً قوياً لدى الطرف الإسرائيلي. أخيراً، قال محبو السلام عندنا، وجدنا شريكاً حقيقياً، لا توجد شخصية إسرائيلية لم يلتقها عريقات: من رئيس الدولة، عيزار وايزمان عبر رؤساء الوزراء المختلفين وحتى رؤساء المخابرات. بالنسبة لنتنياهو كانت لعريقات تصريحات قاسية حوله: «أعرف انه يعمل على تصفية السلطة الفلسطينية»، وكذا «يتحدث نتنياهو عن السلام فقط لأغراض العلاقات العامة». كما أنه انتقد بشدة حكام الإمارات، بل وتمكن من الحديث بحدة ضد لقاء بين نتنياهو والزعيم العسكري للسودان الذي «طعن الفلسطينيين في الظهر».

حتى آخر أيامه كان عريقات وطنياً فلسطينياً، وبقدر ما هو معروف كان أحد القلائل في القيادة ممن لم يأخذوا أموال الرشوة. يحمل شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة في بريطانيا، وكان محاضراً في جامعة النجاح في نابلس، وسياسياً ذا دم حار أثار انتقاداً في المعسكر الفلسطيني أيضاً.

منذ اتفاقات أوسلو في 1993 لم يكلف عريقات فقط بالمفاوضات، بل تراكض على مدار الساعة. فقد وضع خططاً مع شركائه بعد الاتفاق، وسافر للمحاضرات في أوروبا، ودعي كضيف شرف للمؤتمرات في الولايات المتحدة، وأكثر من اللقاءات الصحافية عندنا. وأول من أمس غردت تسيبي ليفني ببلاغ رفعه لها عريقات قبل لحظة من دخوله مستشفى هداسا: «لم أُنهِ بعد ما وُلدتُ لعمله»، كما شدّد.

ليس غريباً في نظري قراره الدخول إلى مستشفى هداسا. قبل ذلك تمكن من أن يرد عرضاً سخياً من المملكة الأردنية لإرسال مروحية تنقله إلى المستشفى العسكري في عمان. كان عريقات يعرف أن الأطباء في المستشفى الإسرائيلي سيفعلون فوق ما يستطيعون كي يحاولوا إنقاذ حياته. وصباح أول من امس تبدد الأمل، ورحل.

 

«يديعوت».. الايام