حرب إقليمية في القرن الأفريقي
محمد مشارقة
حرب إقليمية في القرن الأفريقي
التطور الأخطر في معارك ولاية تيغراي الشمالية في إثيوبيا، امتدادها الى الداخل الارتري، بعد قصف مدينة اسمرا عاصمة البلاد إثر اتهامات لقوات ارتريا بالمشاركة في القتال ضد القوات التغرينية . النزاع الجديد يؤشر الى تداعيات خطرة تهدد بتفجر صراعات عرقية وقومية ليس في اثيوبيا وحسب وانما في دول القرن الافريقي.
وذلك للأسباب التالية:
- لقد اختار التغرينيون - منطقة حكم ذاتي في اطار اثيوبيا الفدرالية - توسيع الصراع الى المناطق الارترية المجاورة والتي تشاركهم البعد القبلي والعرقي واللغوي، وبالتالي تفتح شهية الانفصال وتقسيم اثيوبيا وارتريا أيضا. من شأن نقل الصراع الى ارتريا، تشجيع الصراعات الدفينة والمعادية لاسياس افورقي وطريقة ادارته للبلاد ، المصادر الارترية المعارضة تتوقع انقساما في الجيش ، اذا ما توسع وطال أمد النزاع ، فالقادة الكبار في الجيش الارتري من القومية التغرينية كانوا أصلا في الجبهة الشعبية لتحرير تغراي ، وبعد الاستقلال بات اشقاؤهم على الجانب الاخر قادة كيار في الجيش الاثيوبي . من جهته اتهم زعيم تيغراي ، السيد ديبريسيون ، القوات الإريترية بالانضمام إلى القتال إلى جانب القوات الإثيوبية ضد تيغراي. وقد نفت كل من إثيوبيا وإريتريا ذلك.
- من المعلوم ان نزاعا حول الأراضي على طول حدود الإقليم لا سيما المنطقة الواقعة في بلدة بادمي، لا زال دون حل منذ العام 2000 ، لكن إريتريا تريد من إثيوبيا أن تلتزم بقرار لجنة الحدود التابعة للأمم المتحدة بتسليم المدينة ، الامر الذي لا يمكن أن يتحقق بدون تعاون حكومة تيغراي التي تدير المنطقة.
- التطور الاخر هو قصف التغرينين مطارين عسكريين في إقليم الامهرا، مما سيؤلب الأحقاد القديمة، وقد يحول الحرب الدائرة في الإقليم الشمالي الى نزاع عرقي شامل.
- حتى الان تصر الرواية الحكومية على أن المسألة داخلية وان التدخل المسلح هو “عملية لإنفاذ القانون" ضد "زمرة" تهدف إلى تدمير النظام الدستوري لإثيوبيا، لكن الدافع الأساس لحسم الحكومة ا لفدرالية للموقف بوسائل عسكرية كان الخوف من ان تحذو القوميات الرئيسية الكبرى التسع في اثيوبيا حذو التيغراي ، وهناك شعور ينعكس اليوم في الاعلام الرسمي وهو ان التساهل في حسم تمرد إقليم التيغراي ، سيمهد الطريق نحو تصدعات محتملة ، ما سيعني بلقنة إثيوبيا ، ومعها نهايتها كدولة قومية موحدة .
- بعد توسع رقعة الصراع، بدأ آلاف اللاجئين بالعبور إلى السودان، وتشير التقديرات ان اعداد اللاجئين قد تصل الى مائتي ألف شخص، بما يفوق قدرة السودان على احتمال هذا العدد. وإذا ما اخذ بالاعتبار ان منطقة الشفقة السودانية المتنازع عليها والتي تحتلها مليشيات وعصابات مسلحة تيغرينية، قد تدفع السودان الى استخدام قواتها المسلحة في ردع المليشيات واسترداد الأرضي التابعة لولاية القضارف ومنع تدفق اللاجئين. اشارت بيانات الامم المتحدة قالت الى إن الحكومة السودانية وافقت على إنشاء معسكر يتسع لـ 20 ألف شخص على بعد 80 كيلومترًا من الحدود، ويتم تحديد المزيد من المواقع.
- المخاطر الأخرى تتعلق بالوضع في الصومال، فالحرب في إقليم التيغراي دفع حكومة اديس ابابا الى سحب جزء من قواتها من الحدود الغربية للصومال والعاملين في اطار قوة للاتحاد الافريقي (أميسوم) ، الامر الذي سيضعف وضع الحكومة الصومالية في حربها ضد قوات حركة الشباب الإرهابية .
- تحدثت قيادات صومالية في ندوة لمركز تقدم للسياسات في لندن عن المخاطر التي تحملها محاولات الرئيس فرماجو لهندسة المناطق الانتخابية لضمان فوزه في الانتخابات الرئاسية في فبراير القادم، مما يفتح الباب امام نزاع قد يتطور الى صراع مسلح.
السؤال اليوم : من يقف خلف حرب إقليمية تهدد وحدة الدول والشعوب في القرن الافريقي ، هل هي حرب بالوكالة ، بين دول الإقليم ، ام امتداد للصراع بين الولايات المتحدة والصين.