أوراق إسرائيلية..
الطريق "النووي" لتغيير وجه الشرق الأوسط
بقلم: يعقوب نيجل ومارك زوبوبتس
الطريق "النووي" لتغيير وجه الشرق الأوسط
متابعات: للولايات المتحدة، الآن، فرصة نادرة للتقدم في الأمن النووي وسياسة عدم نشر السلاح النووي في أرجاء الشرق الاوسط.
ويبدو أن الرئيس المنتخب بايدن ومستشاريه يؤمنون بأن عودة عاجلة إلى صفقة النووي التي وقعتها ادارة اوباما مع ايران في 2015 هي الطريق الفضلى لتحقيق هذا الهدف، ولكنهم مخطئون. على الادارة الجديدة ان تستخدم اتفاقات ابراهيم بين إسرائيل، الامارات، والبحرين كرافعة، وان تبدأ عصرا جديدا من التعاون المدني الآمن والهادئ في الطاقة النووية بشكل يعزز الشراكة الناشئة بين إسرائيل ودول الخليج وضم السعودية اليها.
لم تتمتع إسرائيل حتى الآن بأكثر من سلام بارد مع جيرانها. ولكن التسخين السريع للعلاقات مع الامارات والبحرين يشير إلى طريق جديد. وقعت الحكومات الثلاث منذ، الآن، على اتفاقات تعاون في جملة مجالات، مثل الخدمات المالية، الاستثمارات المشتركة، مكافحة «الارهاب»، تكنولوجيا التعقب الامني وغيرها. مشاريع مشتركة تتقدم بسرعة في مجالات السياحة، الصحة، الزراعة، المياه، الفضاء، العلوم والتجارية، وغيرها.
البرنامج النووي السعودي
لم يطرح التعاون المدني في مجال الطاقة النووية على الطاولة بعد، ومن المفهوم أنه لم يبحث في الماضي، ولكن هذا موضوع طبيعي وناضج للتقدم، وللتعاون المجدي. وقد أبدت ابو ظبي والرياض اهتماما شديدا بتكنولوجيات الطاقة النووية المدنية. وفي الامارات بدؤوا ببناء محطة توليد طاقة نووية، بعد أن وقعوا على الاتفاق المسمى «ستاندرد الذهب 123» مع الولايات المتحدة منذ العام 2009 وبموجبه يتنازلون عن حق تخصيب اليورانيوم او تحويل البلوتونيوم، الامر الذي تحتاجه الدولة الراغبة في تطوير وانتاج سلاح نووي.
تبني السعودية مفاعل بحث نوويا ولديها خطط لعدة محطات لتوليد الطاقة النووية. وقد رفض السعوديون حتى الآن، التنازل عن حقهم في التخصيب والتحول الذاتي. وحسب المنشورات، تعمل الرياض مع الصين على منشأة لإنتاج كعكة صفراء من مواد اليورانيوم، وهي خطوة مهمة في بناء تكرار الوقود الكفيل بأن يؤدي ايضا إلى تخصيب ذاتي.
والمعارضة السعودية والمترددة للإعلان عن موافقتها على القيود التي تسد طريقها للسلاح النووي ليست مفاجئة.
لقد سمح الاتفاق النووي للقوى العظمى مع ايران في 2015 لها بالابقاء على التخصيب الذاتي الذي يزداد مع الزمن ولبناء مفاعلات توجد فيها امكانية كامنة للبلوتونيوم، وذلك رغم الماضي الإيراني الذي كان مليئا بالمخادعات المنتظمة لمراقبي النووي والخرق المتواصل لاتفاقات عدم النشر التي وقعت عليها. وكما هو معروف، واصلت إيران سلوكها حتى بعد التوقيع على الاتفاق النووي، ورغم ذلك يواصل الاوروبيون، الروس، والصينيون إعطاء الاسناد لها، ويعللون سلوكها الاستفزازي في انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق.
يوجد للولايات المتحدة ولإسرائيل سبب كافٍ للتأكد من أن يبقى البرنامج النووي السعودي لأغراض سلمية فقط. فأنظمة معادية مثلما في ايران وان كانت تشكل التهديد الأكبر، ولكن الحلفاء، اليوم، يمكنهم أن يصبحوا خصوما غدا. فبعد كل شيء، ينبغي أن نتذكر بأن ايران ورثت البرنامج النووي للشاه.
ان التعاون الرباعي في النووي المدني بين الولايات المتحدة، إسرائيل، الامارات والسعودية، يمكنه أن يوفر اتجاها يساعد في منع نشر النووي غير المرغوب فيه في الشرق الأوسط. إلى جانب ذلك، يجب التأكد من أن مثل هذا الاتفاق لن يكون مرتبطا بأي شكل كان باتفاق نووي محتمل بين الولايات المتحدة وايران، ولا يمكن إعطاء تسهيلات لإيران ترتبط به. يمكن للتعاون أن يعنى بجملة مواضيع مثل الامن والأمان النووي، الجاهزية للطوارئ والمناورات المشتركة، والتعاون في التعقب والتأكد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والجاهزية المشتركة للتصدي للارهاب الاشعاعي وانتشار المواد الخطيرة.
لم يعارض الموقف الإسرائيلي منذ البداية الاستخدام السلمي للطاقة النووية المدنية من قبل جيرانها، شريطة أن يلتزموا بتعهداتهم الدولية لمنع انتشارها. وتخوف القدس هو من انتشار تكنولوجيات تخصيب اليورانيوم وتحويل البلوتونيوم والتي هي جزء لا يتجزأ من تطوير السلاح النووي.
لاكثر من 30 دولة توجد برامج طاقة نووية مدنية لأغراض سلمية، لا تتضمن تخصيبا أو تحويلا ذاتيا، وهي تشتري وقودها النووي من خلال اتفاقات توريد محصنة. ولحفنة من الدول، مثل ألمانيا واليابان فإن وجود قدرات تخصيب وتحويل لم تشكل مقدمة للدخول إلى برنامج تطوير سلاح نووي، ولكنها مجرد استثناء يشهد على القاعدة. من المهم ان نتذكر بأن أربعا من خمس حالات خرق لميثاق عدم نشر الطاقة النووية كانت من حكومات في الشرق الأوسط: ايران، سورية، ليبيا والعراق (كوريا الشمالية هي الخامسة). من الواضح من هنا قلق الولايات المتحدة وإسرائيل.
من أجل ضمان سياسة ثابتة، تتضمن القيود اللازمة لغرض معالجة مخاوف الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن واشنطن ملزمة بالابقاء على كل دول الخليج في مستوى طاعة عال ومتماثل. اذا كانت الإدارة الجديدة تريد ان تمنع حلفاءها العرب من أن يطالبوا او يطوروا سرا قدرات التخصيب والتحويل الذاتي، فإن واشنطن ملزمة بالعودة إلى مواقفها التقليدية (التي ايدتها قرارات مجلس الامن) قبل الاتفاق النووي الخاطئ في 2015، اي الحظر التام على التخصيب والتحويل، بما في ذلك الحظر التام على انتاج المواد المشعة وتطوير التكنولوجيات اللازمة لهذا الغرض، مع التشديد على البحث والتطوير لأجهزة طرد مركزي متطورة تسمح للتخصيب في مواقع سرية.
التعاون مع أمريكا
اذا كان يمكن لواشنطن ان تجلب الرياض إلى اتفاق تعاون في تكنولوجيات النووي المدني مع إسرائيل واتحاد الامارات، تحت مظلة أمريكية فإن الشرق الأوسط سيتمكن من النظر بأمل إلى مستقبل يعمل فيه علماء نووي عرب، إسرائيليون، وأميركيون كتفا إلى كتف باسم السلام والأمن. مثل هذا التعاون سيلغي مرة واحدة وإلى الأبد الادعاء الكاذب بأن إسرائيل، وليست ايران، تشكل تهديدا على الامن العربي.
وسيحفز هذا التعاون بالطبع دولا عربية أخرى لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ما أن ترى الفضائل الأمنية، التكنولوجية، والاقتصادية للتعاون مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة.
عن «إسرائيل اليوم»