نشر بتاريخ: 2020/11/25 ( آخر تحديث: 2020/11/25 الساعة: 06:45 )

التدخل في الساحة الفلسطينية أداة مهمة في صندوق أدوات قطر من أجل ترسيخ مكانتها الإقليمية

نشر بتاريخ: 2020/11/25 (آخر تحديث: 2020/11/25 الساعة: 06:45)

وصف ميخائيل هرتسوغ هنا قطر بـ «عش دبابير» («هآرتس»، 22/11). وقال إن هذه الإمارة تؤيد، بل تستضيف عناصر «متطرفة»، معادية لإسرائيل. وهو يدعي، بناء على ذلك، بأنه يجب على إسرائيل عدم تطبيع علاقاتها مع قطر؛ لأن التطبيع سيبيض سجلها المشكوك فيه. وصف هرتسوغ هذا دقيق، لكنه يفوت عدداً من الإيجابيات الثنائية والجيواستراتيجية التي ستكون متاحة بفضل خطوة كهذه. على المدى البعيد، تطبيع العلاقات مع قطر لن يأتي بالضرورة على حساب علاقاتنا مع الامارات والسعودية، التي توجد في ازمة معها. فلهما مصلحة في اعادتها الى حضنهما، بعد أن دفعتا بها بمقاطعتهما الى احضان ايران وتركيا. الرياض، التي أجرت مفاوضات مع الدوحة من اجل إنهاء المقاطعة، يمكنها أن تعرض على الرئيس القادم الى البيت الابيض، جو بايدن، هدية على شكل تطبيع علاقاتها مع قطر، على أمل أن تحظى بنقاط، وأن تحسن ولو بشكل قليل الصورة السلبية لها. هكذا تولد لدي الانطباع من زيارتي، هذا الشهر، الى أبو ظبي، حيث قيل هناك لي بأن مصالحة بين قطر وجاراتها أمر ممكن وقريب.

تطبيع العلاقات مع قطر، الدولة الأغنى في العالم (بمفاهيم الناتج القومي الخام للفرد)، يمكن أن يشكل أفضلية بالنسبة لإسرائيل، وليس فقط في مجال الاقتصاد. لقطر، خلافا للسعودية والامارات، يوجد تأثير كبير على ما يجري في الساحة الفلسطينية، حتى في الضفة الغربية. هذا تأثير يمكن لإسرائيل أن تستغله بشكل افضل. ايضا يعترف هرتسوغ بأن قطر هي الدولة الوحيدة التي تستثمر اموالاً طائلة في غزة، وبهذا تساهم بشكل كبير في التهدئة. والتطبيع معها يمكن أن يزيد استثماراتها هناك لصالح سكان غزة ومواطني إسرائيل. الامارات والسعودية ليستا فقط عديمتي القدرة على التأثير في الساحة الفلسطينية، بل ليس لديهما ايضا- كما يبدو- الرغبة في استثمار موارد كبيرة في الوقت الحالي.

إن التدخل في الساحة الفلسطينية أداة مهمة في صندوق أدوات قطر من اجل ترسيخ مكانتها الإقليمية. تعتبر قطر مكانتها هذه بوليصة تأمين لوجودها في المنطقة، هكذا ينظر اليها كضرورية ورئيسة في نظر لاعبين اقليميين آخرين. وأهم من ذلك، هذا الأمر يمكنها من الحفاظ على تقارب ضروري من أميركا. في المقابل، جهودها هذه لترسيخ مكانتها الاقليمية تزيد التوتر والمنافسة الاستراتيجية بينها وبين جاراتها، ومن جهة اخرى فإن قدرة قطر على العمل ازاء جميع العناصر والمعسكرات تعتبر ذخراً للولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين استفادتا من وساطة قطر الحاسمة أكثر من مرة إزاء جهات مثل «حماس» و»طالبان».

تمنح إسرائيل قطر نفوذاً ثميناً في الساحة الفلسطينية. لذلك، هي تتمتع بأداة تأثير لا بأس بها تجاهها. من المهم لقطر رفع المقاطعة عنها والعودة الى حضن دول الخليج، وبامكان إسرائيل أن تلعب دوراً في ردم الهوة بينها وبين جاراتها، المعنية بدورها بتقليص نفوذ تركيا في المنطقة. إن التصالح بين دول الخليج يمكن أن يضر بايران ويغرس اسفيناً بين الدوحة وأنقرة وتخريب «محور الإخوان المسلمين».

يجب على إسرائيل أن تضع لقطر شروطاً لتطبيع العلاقات، وعدم الموافقة على بيعها طائرات قتالية. في المقابل، يمكنها، بالتشاور مع واشنطن وأبو ظبي، أن تساعدها على العودة الى حضن دول الخليج. أثبت تاريخ قطر أنه في معظم الحالات، المبدأ البراغماتي في سياستها الخارجية، وهو يتفوق على المبدأ الايديولوجي. توجد لها علاقات قريبة مع إسرائيل اكثر بكثير من تنسيق نقل الأموال الى القطاع. العلاقة معها هي شر ضروري – قطر هي «الولد السيئ» في الشرق الاوسط، وهي ستواصل كونها هكذا. ولكن بالتحديد لهذا السبب يوجد لإسرائيل مصلحة في التقارب معها.

 

عن «هآرتس»