أوراق إسرائيلية..
قانون «أملاك الغائبين» يعفي إسرائيل من الانشغال بشأن أملاك الفلسطينيين
بقلم: ب. ميخائيل
قانون «أملاك الغائبين» يعفي إسرائيل من الانشغال بشأن أملاك الفلسطينيين
كم كان الألمان أغبياء. لو أنهم قاموا في وقت أبكر بسن قانون «أملاك الغائبين» لكانوا وفّروا على أنفسهم تكاليف زائدة تبلغ مليارات اليوروات لدفع التعويضات. هذا أمر بسيط جدا وناجع جدا. كان بامكان المانيا أن تقول لكل المضطهدين: «للأسف، لكنك لم تكن موجودا هنا في اليوم المحدد، يوم إقامة المانيا الجديدة. لهذا فان القانون لدينا ينص على أنك 'غائب'، وكل ما كنت تملكه ذات يوم أصبح، الآن، لنا. لذلك يجب عليك عدم إزعاجنا بطلباتك الوقحة، أليس كذلك؟». ولكن الالمان الاغبياء لم يفكروا بهذه الخدعة، ولهذا فقد دفعوا ثمنا باهظا.
كانت دولة إسرائيل الفتية اكثر ذكاء. حتى قبل أن تكمل السنتين قامت بسن قانون «املاك غائبين» مدهش، يعفيها من الانشغال بالمطالب التافهة لفلسطينيين الذين يصرون على المطالبة بأملاكهم التي تم سلبها.
جوهر القانون بسيط في مضمونه: الفلسطيني الذي بالصدفة لم يكن موجودا في حدود إسرائيل في يوم 29 تشرين الثاني 1947، أو أنه كان موجودا فيها وخرج منها حتى 1 ايلول 1948 (أي كل اشهر الحرب والنكبة) سيعتبر «غائبا» ويجب عليه أن ينسى كل أملاكه. بكلمات ابسط: هل قمنا بطردك؟ بقتلك؟ هل هربت من الحرب؟ جميل، كل أملاكك أصبحت لنا. هكذا ينص القانون. ونحن كما هو معروف، نحافظ على القانون.
مبدأ «الغياب» المستهلك هذا يسري بالطبع على الفلسطينيين. اليهود مُعفون منه. اليهودي لا يعتبر غائبا في يوم من الايام حتى لو غاب ألفي سنة.
في الاسبوع الماضي تمت إعادة كشف هذه الفقرة الفريدة في نوعها للنفاق والحقد والعنصرية الإسرائيلية. مرة اخرى قررت محاكم أن فلسطينيين سيتم اخلاؤهم من بيوتهم في القدس، وأن هذه البيوت ستعطى لليهود («هآرتس»، 26/11). الاملاك كانت ذات يوم بملكية يهود، لهذا ستعود الى الملكية اليهودية. صحيح أن اليهود غابوا عن بيوتهم عشرات السنين، لكن اليهود، كما قلنا، لا يمكن أن يكونوا «غائبين».
لعدد من العائلات المطرودة، معظمها من لاجئي 1948، توجد ممتلكات في إسرائيل. بيوت في القدس وفي حيفا وفي يافا. ولكنهم لا يستطيعون المطالبة بممتلكاتهم لأنهم «غائبون». يعيشون في القدس ولكنهم غائبون. الفلسطينيون، هذا ما تعلمناه، هم جيدون جدا في أن يكونوا غائبين.
هكذا، اليهود ايضا يواصلون (وبحق) المطالبة في كل ارجاء العالم بما سلب منهم خلال مئات آلاف السنين، بالحروب، بالطرد، بالاضطهاد، بالمطاردة، وبالقوانين الفظيعة: في بولندا واوكرانيا وروسيا وهنغاريا والعراق وسورية الخ.
الفلسطيني لا يمكنه حتى المطالبة بالبيت الذي طرد منه قبل سبعين سنة. البيت الذي يوجد على مرمى حجر من البيت الذي سيطرد منه بعد اسبوعين. عدل إسرائيلي (قائم كما قلنا على «نبوءة انبياء إسرائيل» كما هو مكتوب في وثيقة الاستقلال).
كان يمكن الاكتفاء بالاقتباس من سفر الآباء: «من يقول ما هو لي فهو لي وما هو لك فهو لي ايضا، هذا حاقد». ولكن من تهمه اليوم صفة الحاقد؟ هذا يعتبر تقريبا مديحاً. ها هو المزيد من نبوءة النبي ميخا: «ويل للأشرار في مضاجعهم، اشتهوا الحقول في نومهم وفي الصباح سلبوا وحملوا ما سلبوه الى بيوتهم، وسرقوا الرجل وبيته. وسرقوا الرجل وضيعته. ابنوا صهيون بالدم والقدس بالظلم. رؤساؤها سيحكم عليهم بالرشوة وسيعتمدون على الرب ويقولون: أليس الرب بيننا. اذاً، الشر لن يأتينا؟ لهذا، من اجلكم، حقول صهيون ستحرق والقدس ستكون خربة وجبل الهيكل سيكون مرتفعات وعرة».
نبوءات النبي ميخا تحققت مرتين – ثلاث مرات، ويبدو أننا في الطريق الى المرة الرابعة.
عن «هآرتس»