نشر بتاريخ: 2020/12/02 ( آخر تحديث: 2020/12/02 الساعة: 07:07 )
بقلم: دان شيفتن

الإسرائيليون يفقدون ثقتهم بالقانون

نشر بتاريخ: 2020/12/02 (آخر تحديث: 2020/12/02 الساعة: 07:07)

إذا لم نعمل بسرعة وبشكل قاطع فسيتثبت في إسرائيل نمط يدمج الفوضى والمجتمع القبلي. وستتضرر بشدة البنية التحتية لجودة الحياة ورغبة المتحضرين في أن يعيشوا في البلاد. ولكبح التدهور، مطلوب شرطة اخرى، منظومة قضائية مسؤولة وحكومة تعطي اسنادا سياسيا وميزانية ملائمة لأجل تحقيق هدف وطني أول في سموه.

سرعت الأزمة الصحية والاقتصادية مرضاً خطيراً في المجتمع الإسرائيلي. وسمحت للأجزاء القبلية في المجتمع بأن تضم في النمط التعددي المرغوب للحفاظ على تقاليدهم أنماط حياة ايضا لا مكان لها في مجتمع متحضر. ويدور الحدث مثلاً عن قمع النساء، تعدد الزوجات، حرمان الأطفال من التعليم الأساس، وسياسة عنيفة في الحكم المحلي. عربدة منظمة في الحيز العام وتجند تلقائي للقبيلة لتقديم الحماية العنيفة لخارقي القانون. ومؤخرا خرجت الامور عن السيطرة: الاصوليون يحتقرون إمرة الدولة، يفتحون جهاز التعليم، يجرون لقاءات جماعية، ويحبطون إمكانيات العقاب. متطرفون من أوساطهم يعربدون في مدخل القدس، يفرضون الرعب في أحياء أصولية، يفصلون بين الرجال والنساء في الحيز العام، ويهاجمون من يتجرأ على الخدمة في الجيش الإسرائيلي. أما العرب فيقيمون الأعراس الجماعية الحاشدة، ويخلقون معدلات إصابة ضعف نسبتهم بين السكان. وسلمت الدولة في الوسط العربي بظواهر واسعة من السيطرة على أراضيها في النقب، سرقات منظمة تعرض وجود الزراعة للخطر، وجباية بالخاوة. معدلات الجريمة العنيفة والسلاح غير القانوني في أوساطهم مبالغ فيها. مشاغبون دروز يختطفون بالعنف جثمانا من المستشفى كي يجروا جنازة جماعية ويحاولون الإساءة للجرحى من سورية ممن يحظون بعلاج طبي في إسرائيل. بدو مسلحون يعربدون في طرق الجنوب، يسرقون عتاداً عسكرياً من ميادين النار للجيش الإسرائيلي ويقيمون منظومة واسعة من زراعة المخدرات وتهريبها، في ظل اهمال وبؤس الشرطة. سلطات الرفاه تقدر بأن نحو 30 في المئة من العائلات البدوية في الجنوب تقيم نمط حياة متعدد الزوجات. وفي اخلاء بؤر استيطانية غير قانونية تسود اعمال شغب عنيفة. بعض المظاهرات في تل أبيب تستهدف احداث مواجهات بالقوة مع الشرطة.

الشرطة غير قادرة على مواجهة أبعاد المشكلة. مهماتها كثيرة، حجمها أصغر بكثير من الاحتياجات، ميزانيتها بائسة، مستواها غير عالٍ والثقافة المهنية السائدة فيها لا تبعث على ثقة الناس. والجهاز القضائي هو الآخر لا يقدم نصيبه في تقليص الظاهرة. مستوى العقاب سخيف. والقضاة يركزون على الامل في اعادة تأهيل المجرمين على حساب الردع والحماية للمحافظين على القانون. وبرحمتهم تجاه المتوحشين نهايتهم أن يتوحشوا تجاه الراحمين. فكرهم يملي احياناً تفسيرهم للقانون. وهكذا مثلاً تطرح حجج غريبة لتبرير تصميم قضاة «العليا» للابقاء في إسرائيل على عشرات آلاف المتسللين من افريقيا لدرجة رفض متكرر لتشريع في الكنيست؛ وهذا يبرر ضمن امور اخرى بالادعاء بان التواجد في منشآت محمية سيجعل من الصعب على المتسلل تبني الهوايات، ما يمس بحقه في الكرامة. وفي اعقاب قرار آخر للمحكمة اضطرت محكمة السجون الى تحرير مجرمين عديدين لعدم توفر ما يلزم من «الحق الاساس»: مساحة معيشة من 4.5 متر مربع للمجرم. ليس واضحا للقضاة ان رفاه المجرمين جدير بان يكون في اسفل سلم الأولويات؛ فالاكتظاظ الخطير والضار في المستشفيات والمدارس أولى بالتـأكيد.

والساحة السياسية هي الأخرى – ولا سيما الحكومة والمعارضة ايضا – ليست معفية من المسؤولية عن القصور في الإنفاذ. فالحكومة مطالبة بان تخصص مقدرات كبيرة بلا قياس للشرطة والكل ملزم بإسناد لازم للانفاذ الحيوي، رغم ثمنه السياسي، مثلا، حيال المستوطنين، الأصوليين، والعرب. ومن أجل التصدي بأياد نقية لخارقي القانون، مطلوب الامتناع عن التمسك بقوانين مثل «قانون التسوية» الذي يسوغ باثر رجعي السيطرة عن وعي على ارض خاصة.

ان مجتمعا يفقد إيمانه بالأجهزة التي يفترض ان تحميه من أعدائه ومن مفككيه من الداخل لن يصمد أمام التحديات الصحية، الاقتصادية، الاجتماعية والأمنية التي يقف أمامها.

 

عن «إسرائيل اليوم»