نشر بتاريخ: 2020/12/14 ( آخر تحديث: 2020/12/14 الساعة: 07:48 )

الديمقراطية الأمريكية لم تعد منارة ملهمة لشعوب الأرض

نشر بتاريخ: 2020/12/14 (آخر تحديث: 2020/12/14 الساعة: 07:48)

لم تعد الديمقراطية الأمريكية منارة ملهمة لشعوب الأرض، ليس بسبب حماقات الرئيس ترامب المنتهية ولايته، الذي لا زال يرفض الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية، بل لسبب أعمق، يتمثل في تصدع مبادئ الليبرالية الغربية التي ترسخت بعد الحرب العالمية الثانية، وشهدت ذروتها منتصف السبعينات في عهدي تاتشر وريغان.
 بمعنى أوضح عندما كفت الدولة ومؤسساتها عن لعب الدور الرئيس والحاسم في حياة الناس لصالح الشركات الكبرى، وينطبق الامر على فكرة التمثيل عبر صندوق الاقتراع باعتباره درة التاج في العملية الديمقراطية. حلت الاحتكارات الكبرى وأذرعها الإعلامية وشركات العلاقات العامة محل صوت ومصالح الناس، وتراجعت معها نسبة المشاركين في الانتخابات الى أدنى مستوياتها، وفي بعض الأحيان تشكلت البرلمانات المسماة ديمقراطية، بمشاركة تقل عن ربع أصحاب حق الاقتراع
.

لم نكن بحاجة إلى كارثة وباء كورونا، لنكتشف أن بالإمكان أن تستمر المجالس التشريعية بالمشاركة عن بعد، وبالتالي توفير الأموال التي تدفع كبدلات إقامة وتنقل للنواب من خارج العواصم، لا بل ارتفعت الأصوات المنادية بتوسيع قاعدة التمثيل للمناطق الانتخابية إلى أضعاف الأعداد الحالية، بعد أن اختبرت المشاركة في العمل البرلماني عن طريق تطبيقات رقمية حديثة، تمكن من مشاركة المئات في غرف الحوار الافتراضي.
 التجربة الأخرى التي تحملها الثورة التقنية الجديدة هي الاستفتاءات الشعبية المباشرة عبر برمجيات الهواتف المحمولة والكمبيوترات المنزلية، ليس فقط على التشريعات والقوانين والقرارات، بل في قضايا سياسية واجتماعية وثقافية تهم حياة الناس المباشرة في الحي والمدينة والبلاد. الامر الذي يدفع الى تساؤل جوهري، حول معنى استمرار البرلمانات والانتخابات بكل أنواعها بالطرق التقليدية
.
لقد سنحت لي الفرصة من خلال متابعتي لآثار جائحة كورونا على مختلف نواحي الحياة بما فيها مستقبل المدينة والعمارة والتعليم، أن ألحظَ ولادة أفكار تيار عالمي ينمو باضطراد بات يعرف بـ"التيار التقدمي" رغم إصرار اليمين الشعبوي على وصفه بالاشتراكي والشيوعي، قاعدته في الولايات المتحدة يعبر عنه بيرني ساندرز  المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي، والمجموعة الكوربينية نسبة إلى زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربين وهم تيار "مومينتوم"، ولا تخلو القارة الأوروبية من أحزاب وتيارات تتقدم في الحياة السياسية الأوروبية تحمل نفس الرؤى والأفكار.
 حوارات "التيار التقدمي"، تتطرق إلى أفكار جديدة تتعلق بالديمقراطية التمثيلية الحقيقية وكذلك مفاهيم الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج، والعولمة والتجارة الدولية والمناخ والأمم المتحدة
.