نشر بتاريخ: 2021/02/02 ( آخر تحديث: 2021/02/02 الساعة: 09:24 )
باسم برهوم

مهزلة ترشيح كوشنر لجائزة نوبل للسلام

نشر بتاريخ: 2021/02/02 (آخر تحديث: 2021/02/02 الساعة: 09:24)

صحيح ان ترشيح جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي السابق ترامب، لجائزة نوبل للسلام هو ترشيح اولي وفردي من استاذ قانون في جامعة هارفرد، فان مجرد ان يتم طرح مثل هذا الشخص لمثل هكذا جائزة، هو تسخيف للجائزة، وللفكرة النبيلة التي تقف من ورائها. هذا الرجل، في واقع الامر قوض الفرص الحقيقية للسلام العادل والشامل، من خلال قفزه عن القضية الفلسطينية، ومحاولته هو ورئيسه تصفيتها، مع ادراكه انه بدون ايجاد حل عادل لهذه القضية، لن يكون هناك سلام في المنطقة مهما ابرم من اتفاقيات التطبيع.

تاريخيا، وبما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، والفلسطيني الإسرائيلي، حصل الرئيس المصري الأسبق انور السادات، ورئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه مناحيم بيغن على هذه الجائزة لأنهما، وبغض النظر عن رأينا، وقعا اتفاقية سلام بين بلدين في قلب الصراع، وتواجها في اربع حروب. كما حصل الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وكل من اسحاق رابين، وشمعون بيريس على جائزة نوبل للسلام، بعد توقيع اتفاقيات اوسلو للسلام، والذي اعتبر في حينه سلام الشجعان، بين العدوين الرئيسيين في الصراع، وهو صراع وجودي بينهما، وكان الهدف تشجيعهما للمضي قدما في مشروع السلام ، من اجل ارساء سلام دائم  في المنطقة.

ما قام به كوشنر، لا علاقة له بالسلام، فهو لم يبرم اتفاقيات سلام بين دول متحاربة، او حتى متنازعة، هو ابرم صفقات بين دول كان لها علاقات مع بعضها البعض منذ سنوات، والهدف هو فرض اسرائيل كقوة حاسمة في المنطقة على حساب الامة العربية، والهدف الأهم هو تحقيق صفقات مالية وتجارية. وما قام به كوشنر هو تدمير لمبدأ حل الدولتين، وهو المبدأ الذي يجمع عليه المجتمع الدولي كحل معقول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسمحت صفقات هذا المتطرف العنصري لاسرائيل لتصفية هذا الحل المعقول، عبر تكثيف غير مسبوق للتهويد والاستيطان، والأخطر تصفية قضية القدس، بالاضافة الى ان مخطط الضم، الذي كان جاهزا للتنفيذ في ظل "سلام كوشنر- ترامب".

مجرد التفكير بترشيح كوشنر لجائزة نوبل هو مهزلة، هو انحطاط للقيم الانسانية، واستخفاف بالقانون الدولي والشرعية الدولية. هذا الرجل ورئيسه ترامب يجب ان يقدما لمحكمة الجنايات الدولية كمجرمي حرب، لأنهما دمرا تماما فرص ايجاد حل لجوهر الصراع في الشرق الاوسط، واصبح السلام الحقيقي والعادل ابعد منالا. كما يجب ان يحاكما لأنهما مسؤولان عن اخراج العلاقات الدولية عن سكة القانون الدولي، وتحويل هذه العلاقات لتكون اكثر وحشية واستغلالا، واكثر تطرفا وعنصرية. واذكر هنا بانسحاب واشنطن، في زمن ترامب، من محكمة الجنايات الدولية، ومن كل الاتفاقيات التي تجلب للبشرية الخير كاتفاقية باريس للمناخ.

لقد قلب كوشنر الطريق، التي قد توصل الى سلام جدي في المنطقة، رأسا على عقب، والمقصود هنا مبادرة السلام العربية، التي وضعت اسس السلام، الذي يمر اولا بشرط انهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ما فعله كوشنر هو محاولة فرض الاستسلام على الامة العربية، والسلام والاستسلام هما امران لا يلتقيان مطلقا، وان الاستسلام لن يقود الا للحظة انتقام اخرى.

المهم الآن ألا يصل هذا الترشيح ليكون ترشيحا جديا، حتى لو لم يحصل كوشنر على جائزة السلام، وان مهمة افشال هذا الترشيح تقع على عاتق كل محبي السلام في العالم، لانه لو حصل مثل هذا الامر فعلى القيم الانسانية السلام.

"صحيفة الحياة"