الصين تطلق رصاصة الوداع على إدارة ترامب وتوجه ضربة تحذيرية لبايدن
الصين تطلق رصاصة الوداع على إدارة ترامب وتوجه ضربة تحذيرية لبايدن
متابعات: أطلقت الحكومة الصينية رصاصة وداع على إدارة ترامب؛ بالتزامن مع إلقاء الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن خطاب تنصيبه، حيث أعلنت فرض عقوبات على 10 من كبار المسئولين السابقين بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومى روبرت أوبراين.
وصفت الصين هؤلاء المسؤولين «بسياسيين مناهضين للصين» ومنعتهم هم وعائلاتهم من دخول الصين ومنعت الشركات والمنظمات المرتبطة بهم من ممارسة الأعمال التجارية مع الصين. هذه ليست المرة الأولى التى تفرض فيها الصين عقوبات على مسئولين أمريكيين، ولكن هذه المرة عكست طموحات الصين فى فرض عقوبات على كبار مسئولين الأمن القومى الأمريكى وإعطاء الشركات الأمريكية الخيار إما قطع العلاقات مع الأمريكيين الخاضعين للعقوبات أو منعهم من الوصول للأسواق الصينية.
واعتبر الكاتبان Edward Fishman وAshley Feng ، أن هذه الخطوة لم تكن فقط طلقة وداع لحكومة ترامب، بل تحذيرا لإدارة بايدن أن السياسات العدائية تجاه الصين ستواجه بصرامة. لم يعد ممكنا فرض عقوبات بشكل عشوائي بدون توقع ردود فعل. والدرس هنا هو أن العقوبات يجب أن تستخدم بحكمة وألا تفرض بشكل أحادي.
وأكدا في تقرير نشره موقع Defense One أن خطوة الصين الأخيرة لم تأتِ من فراغ، فخلال السنوات القليلة الماضية، عملت بكين على بناء نظام قانوني وتنظيمي مخصص لمواجهة العقوبات الأمريكية وطورت أدوات جديدة وحدثت أنظمتها لتتمكن من معاقبة الأفراد والشركات التي تمتثل للقوانين الأمريكية، إلى جانب وضع استراتيجيات جديدة تقلل تبعيتها للاقتصادات الغربية.
وتابع التقرير، سرعت بكين هذا التحول العام الماضي عندما وضعت قانونا جديدا للتصدير به قائمة بالتكنولوجيات الممنوع تصديرها وقائمة بالكيانات التي يحذر التعامل معها. تشير هذه الإصلاحات إلى إنشاء نظام تنظيمي قوى يمكن أن تستخدمه بكين ضد الشركات والأفراد الأجانب في أي وقت.
وأضاف، أوضحت الصين أيضا أنها مستعدة لإجبار الكيانات الأجنبية على الاختيار بين التعامل مع الولايات المتحدة أو الصين. كما أصدرت وزارة التجارة الصينية في 9 يناير/كانون الثاني توجيهها الأول لعام 2021، والذي حظرت من خلاله امتثال الشركات لأى قواعد أو لوائح أجنبية تقيد المعاملات مع الشركات الصينية. هذه صفعة للعقوبات الثانوية الأمريكية التي تضغط على الشركات فى دول ثالثة لوقف التعامل مع الكيانات الخاضعة لعقوباتها، وليس جديدا أن توسع الصين قوانينها على الشركات الأجنبية، فتشير في مادة 32 من القانون الجديد لرقابة الصادرات على أن أى فرد أو شركة في أي مكان يعرض الأمن القومي الصيني للخطر سيكون مسؤولا أمام قانون الصين الداخلي.
وأوضح التقرير، أنه مع ما فرضته الصين من عقوبات، يبدو أن الصين تسعى لاستخدام قوتها الاقتصادية لتجنيد الشركات الأمريكية والتي من خلالها ستضع المواطنين الأمريكيين في القائمة السوداء. لن تضحي الكثير من الشركات الأمريكية والأجنبية بولوجها إلى الأسواق الصينية من أجل بومبيو، وبالتالي يمكن لهذه العقوبات أن تقلل من فرص حصول بايدن والتسعة الآخرين على العمل في المستقبل.
وقال الكاتبان، لن يذرف أحد دمعة على مسؤولي إدارة ترامب السابقين، وهذه العقوبات الجديدة ضد أعضاء الحكومة السابقين تؤكد أن بكين ستستخدم العقوبات ضد أي فرد أو منظمة أمريكية تهدد مصالحها. هذه الإجراءات تذكرنا بما حدث ضد الاتحاد الوطني لكرة السلة في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بعدما قام المدير العام لفرقة هاستن روكيت بكتابة تغريدة يدعم فيها المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية فى هونغ كونغ. قامت الصين بعدها بوقف بث مباريات الدوري الأمريكي للمحترفين على محطة التلفزيون الحكومية الصينية وقطعت الشركات الصينية علاقاتها بالدوري. هذا كلف الدوري الأمريكي مئات الملايين من الدولارات، وسيكون على الولايات المتحدة البدء في التعامل مع العقوبات التي تفرضها الدول الأخرى على أنها تهديد لأمنها القومي. لطالما نظرت الولايات المتحدة للعقوبات على أنها غير مكلفة، فحجم وقوة الاقتصاد الأمريكي أزاح من على عاتقها القلق من رد فعل الدول التي تقع عليها العقوبات.
وبيّنا، أنه خلال فترة إدارة ترامب، لم تخف الولايات المتحدة من فرض عقوبات على الصين، وكانت الأخيرة منضبطة في رد فعلها. اقتصر تهديد عقوبات الصين السابقة على الشركات الأمريكية التي تبيع الأسلحة لتايوان، ولكن في الواقع هذا التهديد لم يكن قويا نظرا لأن أغلبية الشركات المعنية تحد من أعمالها مع الصين، لكن عقوبات الصين التي فرضتها يوم التنصيب مختلفة، مع الترسانة الاقتصادية الجديدة لبكين وسياساتها الخارجية العدوانية، سيحتاج صناع سياسة العقوبات الأمريكية إلى الحذر عند اتخاذ قرار بفرض عقوبات جديدة على الكيانات والمسؤولين الصينيين. الأمر الآن لن يكون فقط التفكير في السياسات الهجومية، بل أيضا في تحديد نقاط الضعف ووضع استراتيجيات دفاعية، وفي الوقت نفسه، يجب على إدارة بايدن أن تتعلم الدرس، فالعقوبات الأمريكية مكلفة وبالتالي يجب استخدامها بحرص. التقارير التي تفيد بأن إدارة بايدن تعتزم إجراء مراجعة شاملة لبرامج العقوبات الأمريكية ونية الإدارة التنسيق مع حلفائها بشأن الصين تبشر بالخير، لكن يجب على إدارة بايدن أن تكون متقدمة بخطوة، فتعزز الدفاعات الأمريكية ضد عقوبات الدول الأخرى وتزيد من جمع المعلومات الاستخباراتية حول سياساتهم للعقوبات الخارجية، وتحديد نقاط ضعف الاقتصاد الأمريكي التي قد تصبح هدفا للعقوبات، والعمل على حشد الشركات الأمريكية لتشكيل جبهة موحدة ضد العدوان الاقتصادي الصيني. مثل هذه الشبكة العامة والخاصة ستنشط للرد بشكل جماعي عند الضرورة. قد يكون من الصعب على أي شركة وحدها الوقوف أمام الحكومة الصينية، ولكن إذا تمكنت إدارة بايدن من توحيد مواقف شركاتها فمن المرجح أن تضغط على الصين.