فيلم "لا أحد".. تشويق يحبس الأنفاس واكتساح في شباك التذاكر
نشر بتاريخ: 2021/04/27 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 16:13)

يقدم فيلم الجريمة الأمريكي ”لا أحد/Nobody“ الصادر أواخر مارس/ آذار 2021، حبكة متقنة تجسد الإجرام الناتج عن الصمت المتراكم والتهميش المتكرر، في قالب من الحركة والتشويق.

ويتكئ العمل على عنصر المفاجأة، ويصور قصة رجل عادي يعيش حياة روتينية، ليتحول من رب أسرة هادئ إلى شخص عنيف متورط مع المافيا، في ظروف غير متوقعة وخارجة عن المألوف.

وأدى النجم بوب أودنكرك، الحاصل على جائزة إيمي، أوجها مختلفة في شخصية بطل الفيلم هاتش مانسل، ليلعب دور الأب والزوج والقاتل المأجور، بعد أعوام من المعناة من التهميش والإهانات المتراكمة والرتابة المملة.

هول المفاجأة

وتبدأ أحداث الفيلم بعد اقتحام رجل وامرأته منزل هاتش بغرض السرقة، ليتفاجأ بهول الموقف ويقف عاجزا عن الدفاع عن نفسه وعائلته، على الرغم من الخوف والتوتر الواضح على السارقين.

وبعد أيام قليلة يبدأ هاتش باستعادة شتات نفسه، ليخرج بالتدريج من ذهوله، ويعقد العزم على تغيير نمط حياته بالكامل، رافضا الاستسلام لضعفه وخوفه وتردده.

يقظة الغافل

ولكن ردة فعل هاتش تأخذه إلى منحى آخر غير متوقع، متبنيا منهجا جديدا في حياته قائما على العنف، يدفعه إلى ذلك جنوح عارم للانتقام، ليتخلص من مشاعر سلبية خانقة؛ من لوم الذات واحتقار الجبن، ويضع نفسه وعائلته في دائرة الخطر واقتحام المجهول.

وضاعف في زيادة غضبه، استخفاف معارفه به وشحنه بمشاعر الندم، ولومه على ردة فعله المتخاذلة، مشددين على أن موقفا كهذا يتطلب التعامل معه بحزم والتصدي للسارقين وإلقاء القبض عليهم.

توازن

ولتحقيق انتقامه، يستعين هاتش بهوية والده المتقاعد من عمله السابق في المخابرات الفيدرالية، ويحصل على سلاحه، منطلقا في رحلة بحثه عن السارقين.

ونلاحظ التوازن الجلي بين التهكم والجدية، من خلال تسخير بعض المواقف لتغيير الجو العام للعمل، وإطلاق بعض الضحكات الصادقة مع مراعاة الحفاظ على انحياز الفيلم للخط الجدي نوعا ما.

ونجح المخرج في إحداث رابط تواصل مستمر بين المتلقي والشخصية الرئيسة، من خلال تصوير حياة هاتش اليومية بطريقة مثالية، والتركيز على التفاصيل الصغيرة.

وخلال سعيه إلى الانتقام واسترداد سوار ابنته وإعادة الاعتبار لذاته وكسب احترام عائلته له من جديد، يقتحم هاتش منزل السارقين، ولكنه يتعاطف معهم بعد اطلاعه على تفاصيل حياتهم، لينظر لهم بعين المُشفِق لا المُنتقِم.

وتتصاعد الأحداث في طريق العودة وتنشأ معركة عنيفة وحادة في الحافلة مع مجموعة من الشبان اللعوبين ليتخذ هاتش موقف المدافع عن فتاة وحيدة، ويتصدى لهم ويفرغ جام غضبه المكبوت، فيأخذ العمل مسارا مختلفا ويكتشف أنه أصبح ملاحقا من قبل زعماء المافيا الروسية.

الشكل المتقن

دعمت قوة القصة ومتانة الحبكة، مجاراة الكاميرا لتغير الأحداث، فجاءت هادئة متباطئة في مشاهد المونولوج الداخلي، ومندفعة جدا في لقطات الانفعال النفسي والمشادات والتشويق، مع تكثيف كوادر التصوير وتنويعها.

وتناغمت موسيقى الفيلم التصويرية مع حركة التنقل الرشيق بين المشاهد، لتتصاعد الأوركسترا تدريجيا ويتزايد صخب اللحن مع تضاعف الحركة موحية بمشاعر الحماس والجرأة والشجاعة، مع الاستعانة بمقاطع غنائية خالدة لمشاهير الفنانين.

ولاقى العمل رواجا مميزا واحتل المركز الأول في شباك التذاكر ونجح في تحقيق إيرادات عالية تجاوزت عشرات الملايين من الدولارات منذ تاريخ طرحه في دور السينما العالمية.

دور مختلف كليا

وقدم أودنكرك أداء مبهرا فاجأ الجمهور، وهو المعروف بأداء الأدوار الكوميدية والدرامية الهادئة، بما يتناسب وملامحه الخمسينية وبنيته الجسدية المتواضعة، لنراه في فيلم ”لا أحد“ متفوقا على نفسه، ببنية رياضية قوية وحركات بهلوانية غير متوقعة.

وذكرت مجلة ”صحة الرجل“ الأمريكية، أن أودنكرك استغرق 3 أعوام من التدريبات الرياضية ليصل إلى مرحلة تهيئة لأداء الدور المختلف عن طبيعة أدواره السابقة؛ وقال أودنكرك: ”لم يخطر ببال أحد أنني أستطيع فعل ذلك.. لأشارك في عمل غريب الأطوار ودموي جدا ويعتمد العنف غير المبرر“.

وتكفل أودنكرك بأداء الأدوار القتالية الخطيرة دون اعتماد على ممثل بديل، بعد أن عزز بنيته الجسدية بتمارين قاسية، وتدرب بجدية على حركات قتالية احترافية. مستعينا بمدرب محترف لتعزيز فهمه تمارين القلب الخاصة؛ ومنها ركوب الدراجات والجري والقفز والضغط.

والعمل من إخراج إيليا نيشولر، وسيناريو ديريك كولستاد، وموسيقى كلايد ماكفاتر، وشارك في بطولته إلى جانب بوب أودنكرك، كل من أليكسي سربرياكوف، وكوني نيلسن، وكرستوفر لويد، ومايكل أيرونسايد، وكولن سالمون.

"إرم"