منذ بضعة أيام، شاب في آواخر العشرينيات من عمره، لوالد عقيد في قوى الأمن الفلسطينية واسمه رعد حازم، سطّر معادلة ردع وخوف جديدة في زمن خنوع محمود عباس للطاغوت الإسرائيلي،عملية فدائية من الطراز الرفيع، حيث أن ابن فتحي حازم قد شرذم قوى الأمن الإسرائيلي على مدى أيام قبل أن يُسقط ستار البطش الذي ترخيه قوى الأمن الإسرائيلي، تخيلوا، أكثر من ألف عنصر شرطة مع هيئة الأركان العامة "سييرت متكال" ووحدة مكافحة الإرهاب والوحدة الشرطية الخاصة "يمام" ووحدة "الشاباك" ووحدة "شييتت١٣" ووحدة "شلداج" فشلوا جميعهم في إلقاء القبض عليه قبل أن يفتح النار في محلة "ديزينغوف" ويقتل من قتل ويجرح أكثر من ١٥ إسرائيلي في عملية جبارة وصامتة في آنٍ معاً لكن مهولة بوقعها على الشارع الإسرائيلي الذي كان يظن أن إدارته الأمنية بالتواطؤ مع إدارة عباس الأمنية قد أنهت تهديد العمليات الفدائية ومفعولها في شد عصب الشارع الفلسطيني الذي بات يغلي غلياناً من تعنت وتكابر الإحتلال وتفننه في البطش.
لكن هذه العملية تحمل في طياتها أبعاداً أخرى،فمحمود عباس الذي استنكر العملية وطأطأ الرأس مجدداً بات يعلم جيداً أن الإسرائيليين لم يعودوا يصدقون كلامه المتناقص وهو يبحث عن مخرج لنفسه وعائلته كي يحمي نفسه في آواخر العمر والأكثر من ذلك أنه بات يعلم جيداً أن العناصر الأمنية لم تعد بالذل والمهانة وبإجبارها على التصدي لأبناء أرضها وقمعهم بل هي الأخرى تتحضر في عمق نفسها للإنقلاب على ذلك الواقع المرير،فأشرف لعنصر أمني فلسطيني أن يلقي القبض على إسرائيلي أو مستوطن يهدد سلامة الفلسطينيين من أن يتهاون أو يتعاون مع من يريد طمس القضية الفلسطينية وتطبيعها.
محمود عباس محرج والمخرج الذي في باله هو تجيير الرئاسة إلى من هو أقرب من أي وقت مضى للسلطات الإسرائيلية أي حسين الشيخ الذي يشغل رئيس الهيئة الفلسطينية للشؤون المدنية برتبة وزير وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح ومن أهم أذناب السلطة وتابع مكرس لعباس،وهو ربما الخيار الأفضل لعباس بعد أن إنتهت ورقة عباس في الأجندة الإسرائيلية،فالكيان الصهيوني مرعوب من هذه العمليات ويعجز عن ضبطها لأنها تُحضر بسرية تامة ويكاد من المستحيل خرقها أو تطويع أحد لكشفها لأنها تنبع من عمق فردي فلسطيني لم يعد يرضى بالخنوع والخضوع أمام انتهاكات الإحتلال وممارسته لسياسة الترهيب والتهجير التي استفحلت بكل أبعادها.ولا يمكن الفصل بين ما يجري الآن في الساحات في فلسطين وخاصة في ساحة الأقصى وبين العمليات الفدائية،فبالنسبة لكل فلسطيني لم يعد مقبولاً هذا التعالي السقيم من قبل المستوطنين الذين يدنسون الأقصى كلما طاب لهم ذلك،الشعب الفلسطيني المناضل سيتصدى لهم بشتى الطرق وباللحم الحي إن تطلب الأمر وهذا ما يدفع الإدارات الدولية للدفع باتجاه التهدئة لأنها عندما تقيس بمقياس الغضب الشعبي تصبح كل محاولات الإحتلال لكسر شوكة الفلسطينيين وكل توغل وتغول للمستوطنين المحتلين قشة في نار السخط الفلسطيني.
وقد أصبح من المؤكد أن عباس استُنزف من قبل الإحتلال الصهيوني وهو يبحث عن بديل أفضل والرؤية مشتركة بين عباس والإحتلال،حسين الشيخ الخيار الأبرز لاستمرار سياسة البطش والقمع وطمس القضية ولكن في المقلب الآخر من يستطيع أن ينكر أن عملية الشاب رعد لن تفتح باب العمليات على مصراعيه أمام شباب سئموا من التغول الصهيوني وهم كثر وفي داخلهم شعلة الحرية والتوق لكسر الإحتلال تتقد كالنار وبمجرد رحيل عباس إن حصل على ضماناته فالآتي من الأيام سيحمل بالتأكيد المزيد من التضعضع للكيان الصهيوني الذي يعاني هو الآخر من فقدان ثقة شعبه الإسرائيلي به،والغد لناظره قريب.
محمود عباس ورقة احترقت.. والانتفاضة الجبارة باتت قاب قوسين
نشر بتاريخ: 2022/04/15
(آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 22:04)