" الرصاص المصبوب".. الشواهد حاضرة والمخاوف من عدوان جديد قائمة
نشر بتاريخ: 2018/12/27 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 08:34)

رائد حسن//

في مثل هذا اليوم قبل 10 أعوام، في 27 من ديسمبر من عام 2008، شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا وحشيا واسعا على قطاع غزة، وأطلق عليه اسم " الرصاص المصبوب" واستمر 21 يوما.

وفي الساعات الأولى للحرب، شنت 80 طائرة حربية إسرائيلية سلسلة غارات على عشرات المقار الأمنية والحكومية الفلسطينية (التي كانت تسيطر عليها حركة حماس)، في آن واحد؛ ما أسفر عن استشهاد 200 مواطن بالهجمة الجوية الأولى، غالبيتهم من عناصر شرطة حماس.

وتصدت المقاومة الفلسطينية بمختلف أذرعها، للعدوان الغاشم، بإطلاق عدد كبير من القذائف والصواريخ محلية الصنع على المستوطنات جنوبي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.

وعقب ثمانية أيام على قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي المكثف، اتخذت حكومة الاحتلال قراراً بشن عملية عسكرية برية على قطاع غزة.

ولم يتورع جيش الاحتال عن استخدام أسلحة غير تقليدية ضد أهالي القطاع، أبرزها قنابل الفسفور الأبيض، واليورانيوم المخفف، الذي ظهر على أجساد بعض الشهداء، وفق تقارير صادرة عن خبراء ومراكز حقوقية ومؤسسات أوروبية.

وقالت تقارير دولية إن جيش الاحتلال ألقى في الحرب الأولى قرابة "مليون" كيلوغرام من المتفجرات على قطاع غزة.

وبحسب مؤسسة " توثيق" ( منظمة أهلية)  فقد هدم الاحتلال في تلك الحرب أكثر من (4100) مسكن بشكل كلي، و(17000) بشكل جزئي.

وبلغت خسائر الحرب الاقتصادية في قطاع غزة أكثر من "مليار" دولار أمريكي، بحسب "توثيق".

وبحسب إحصاءات لجنة توثيق الحقائق التابعة لحكومة حماس والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)؛ فقد أدت عملية " الرصاص المصبوب"، إلى استشهاد أكثر من 1436 مواطنا بينهم نحو 410 أطفال و104 نساء ونحو 100 مسن، وإصابة أكثر من 5400 آخرين نصفهم من الأطفال.

واعترفت سلطات الاحتلال بمقتل 13 إسرائيلياً بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين، إلا أن المقاومة الفلسطينية تحدثت عن قتل أكثر من 100 جندي إسرائيلي.

استهداف الطفولة
 خمس شقيقات فلسطينيات تتراوح أعمارهن بين الرابعة والسابعة عشر ذهبن ضحية استهداف الاحتلال مسجد عماد عقل، وهن: جواهر ودينا وسمر واكرام وتحرير أبناء المواطن أنور بعلوشة.

 وأسفرت غارات يوم 29 ديسمبر 2008 فقط عن وقوع ثمانية شهداء أطفال، كما تم انتشال جثة لأحد الأطفال كان يحمل على ظهره حقيبته المدرسية غطتها كتلة إسمنتية ضخمة على مدخل مقر مجمع الإيرادات العامة التابعة لوزارة المالية، وتم قتل 32 طفلاً خلال الساعات الثمانية والأربعين الأولى من العدوان.
هدم منازل
و استهدف الكثير من المنازل في القطاع خلال عمليات القصف الجوية؛ ما تسبب بإصابات وقتلى وأضرار جسيمة بالمنازل وتشتيت قاطنيها. كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية منزلا في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة؛ ما أدى إلى مقتل فلسطيني بداخله وجرح ثلاثة آخرين.

تدمير بيوت العبادة
 وتم استهداف الكثير من المساجد؛ ما أدى إلى إنهيار عدة منازل ملاصقة لها. ومنها مسجد أبوبكر ومسجد عماد عقل في جبايا ومسجد العباس في الرمال ومسجد السرايا على شارع عمر المختار في مدينة غزة ومسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالقرب من الكتيبة ومسجد الخلفاء الراشدين شمال غزة ومسجد النور المحمدي ومسجد النور والهداية ومسجد التقوى ومسجد الشفاء بجوار مجمع الشفاء الطبي أكبر مجمع للمستشفيات بالقطاع والكثير من المساجد.

استهداف المدارس 
واستهدفت مدرسة الفاخورة في جباليا شمال غزة التي تم استهدافها في 6 يناير 2009 بقنابل الفسفور الأبيض الحارقة؛ ما أدى إلى استشهاد 41 مدنيا وإصابة العديد بجروح وحروق ويذكر ان المدارس استخدمت كملاجئ للهاربين بحياتهم من القصف وتدمير بيوتهم رغم أن الأونروا كانت سلمت للجيش الإسرائيلي إحداثيات المدارس في القطاع لتجنب قصفها إلا أن الجيش الإسرائيلي برر ذلك بوجود مسلحين فيها الأمر الذي نفته الأونروا بشكل قاطع.

العدوان طال الجامعات
 وبعد منتصف ليل الاثنين 29 ديسمبر قام الطيران الإسرائيلي بقصف مباني الجامعة الإسلامية في غزة بشن ست غارات جوية، وتحديدا مباني المختبرات العلمية والهندسية بالجامعة، حيث ادعت إسرائيل إنها تستخدم لصناعة وتطوير الأسلحة والصواريخ . كما تعرض - في نفس اليوم- مقر أكاديمية فلسطين للعلوم الأمنية بمدينة غزة - إحدى مؤسسات التعليم العالي- للتدمير الكامل بعد استهدافه بغارتين منفصلتين وسقوط ستة صواريخ على الأقل من الطائرات الحربية الإسرائيلية على ذات المقر. حيث بلغ عدد ضحايا الهجوم حتى مساء يوم 29 ديسمبر 2008 350 قتيلاً و1650 جريح.

المستشفيات والمقار الصحية لم تسلم
 وخلال هذا العدوان الوحشي، استهدفت العديد من المؤسسات الصحية، من أهمها مستشفى القدس التابع للهلال الأحمر الفلسطيني والذي اندلعت فيه النيران في يوم 15 يناير 2008 بعد أن تم استهدافه من قبل قذيفة إسرائيلية، وقد حذر آنذاك مسؤول من الأمم المتحدة من أن القطاع الصحي في القطاع على وشك الانهيار التام، إضافة إلى هذا استهدفت غارة إسرائيلية مقر الهلال الأحمر الفلسطيني. كما قال رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة أن 16 منشأة صحية بينها مستشفيات ومراكز صحية دمرت بواسطة الطائرات الإسرائيلية في الهجوم على القطاع. كما قتل 13 من العاملين في الحقل الطبي وأصيب 22 بجروح كما تم تدمير 16 سيارة إسعاف.

وبعد 23 يوماً من بدء عدوان " الرصاص المصبوب" أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، أيهود أولمرت، عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، دون الانسحاب من قطاع غزة، ، تلاه في اليوم التالي إعلان المقاومة هدنة لمدة أسبوع، كمهلة لانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع.

وشنت "إسرائيل"، حربين أُخرييْن، خلال الأعوام اللاحقة لعدوان 2008، حيث هاجمت غزة في الـ14 من نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وهو ما سمي بالحرب الثانية، واستمرت لمدة 8 أيام، وأسفرت عن استشهاد 175 فلسطينياً، وإصابة 1222 آخرين، فضلاً عن هدم مئات المنازل.

وبعد عامين من الحرب الثانية، شنت "إسرائيل" حربها الثالثة (الجرف الصامد) على قطاع غزة في السابع من يوليو/تموز 2014، واستمرت 51 يوماً، وأسفرت تلك الحرب عن استشهاد 2322 فلسطينياً، بينهم 578 طفلاً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، وهدم آلاف المنازل.

وبينما لازالت آثار الحروب الثلاثة حاضرة في عيون ونفوس أهالي غزة، يتداول المراقبون في هذه الآونة من نهاية العام 2018، احتمال شن الاحتلال لعدوان وحشي مباغت جديد، خاصة أن الساحة  السياسية الإسرائيلية، بعد حل الكنيست، مقبلة على مضاربات، لن تتورع عن استباحة الدم الفلسطيني لتسجيل النقاط وحسم الصراعات السياسية الداخلية.