ما أن أعلن رئيس السلطة الفلسطينية عن قرار حل المجلس التشريعي تنفيذا ً لقرار المحكمة الدستورية - المختلف حول قانونية إنشاءها- حتى ووجه هذا القرار بالانتقاد والرفض من قبل غالبية الفصائل الفلسطينية ، حيث أجمعت كل من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب ، وحركة فدا ، والمبادرة الفلسطينية ، وحركة حماس ، والجهاد الإسلامي ، ولجان المقاومة على رفض القرار واعتباره قراراً سياسياً ، ولا سنداً قانونياً له في النظام السياسي الفلسطيني ، في حين لم يقف معه سوى حركة فتح – حزب السلطة - وبعض الفصائل الصغيرة ، ما يعني أن قيادة السلطة في واد وبقية الفصائل التي تشكل أغلبية الساحة الفلسطينية في واد آخر.
ورغم أن كل مؤسسات السلطة الناجمة عن أوسلو غير مأسوف عليها ، إلا أن المجلس التشريعي في تركيبته ونظام تأسيسه خرج عن منطوق أوسلو ، في ضوء أن أوسلو (2) نصت على إقامة مجلس إداري منتخب وفق صلاحيات خدمية تتعلق بالماء والكهرباء والصحة والتعليم ..ألخ ،لا يحق له ممارسة أي دور سياسي أو تشريعي ، ولم تنص على إقامة مجلس تشريعي ، ما اعتبر في حينه نجاحاً نسبياً للرئيس الراحل ياسر عرفات ، وتجاوزاً جزئياً لاتفاقات أوسلو حيال هذه المؤسسة بالذات ، وهو ما شكل مبرراً للفصائل الفلسطينية للمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي .
وفي ضوء أن هذه المؤسسة خرجت عن السياق الأوسلوي ، رأينا هذا الاحتجاج الواسع جداً من قبل الفصائل الفلسطينية على قرار ما تسمى بالمحكمة الدستورية الذي أعلنه رئيس السلطة بشأن حل المجلس التشريعي ، رغم أن مؤسسة التشريعي معطلة منذ الانقسام ما بين فتح وحماس منذ عام 2007 بعد أن سيطرت حركة حماس على قطاع غزة.
وخطورة هذا القرار تكمن فيما يلي :
أولاً : أنه قرار أحادي الجانب من قبل رئيس السلطة وحركة فتح ، وليس قرار ناجم عن حوار وطني شامل تشارك فيه جميع الفصائل ، وينطوي على تجاهل كامل لمؤسسات منظمة التحرير " اللجنة التنفيذية ، المجلس الوطني ، المجلس المركزي".
ثانياً : أنه يتجاهل بند أساسي في اتفاق المصالحة الذي ترعاه مصر ، والذي ينص على تفعيل المجلس التشريعي في هذه المرحلة ، باعتباره حلقة في تفعيل المصالحة.
ثالثاً : أن القرار منسوب إلى مؤسسة ذات منشأ غير قانوني" المحكمة الدستورية " يريد رئيس السلطة فرضها على النظام السياسي الفلسطيني ، إذ كيف يتم تشكيل محكمة دستورية في ظل عدم وجود دستور للسلطة ، فالأساس القانوني أن يكون هنالك دستور يشكل مرجعية للمحكمة الدستورية.
رابعاً : أنه يصب الزيت على نار الانقسام بين غزة ورام الله ، ناهيك أن القرار ارتبط بدعوة رئيس السلطة لانتخابات التشريعي في غضون ستة أشهر ، وتجاهل ما جاء في اتفاقات المصالحة بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية ، وانتخابات المجلس التشريعي ، وانتخابات المجلس الوطني في وقت واحد ، على أن تجري انتخابات التشريعي والوطني على قاعدة التمثيل النسبي ، ما يمكن من تشكيل ائتلاف وطني للحكم ، دون انفراد طرف بالسلطة .
لقد أجمعت الفصائل الفلسطينية الرافضة لقرار حل المجلس التشريعي على المخاطر سالفة الذكر ، ومن ثم فإن جهد السلطة وقيادة المنظمة يجب أن ينصب على إتمام المصالحة وعلى الوحدة الوطنية ، وليس الدخول في مناكفات داخلية، خاصةً وأن المهمة المركزية في هذه المرحلة هي التصدي لصفقة القرن التصفوية، وللهجمة الاستيطانية غير المسبوقة ، ما يتطلب تفعيل المقاومة بكافة أشكالها .