خاص بالفيديو|| مالينا الهندي ونجلها"مؤيد".. حلقة جديدة من إهمال المسؤوليين لــ "مسيرات العودة"
نشر بتاريخ: 2019/04/15 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 13:58)

الكوفية- محمد عابد

لم تهاب الموت ولم تسعَ إلى مجد زائف، وعلى خطى الثائرات الحرائر تقدمت صفوف متظاهري مسيرات العودة، حاملةً في يدها علم فلسطين، ليرفرف أمام أعين جنود الاحتلال، مشجعةً الشباب الثائر للتقدم نحو الأمام وعدم الخوف.

مالينا الهندي (أم هيثم)، هي الثائرة المناضلة التي جسدت أسمى معاني الولاء والحب للوطن، فلم يعقْها رصاص الاحتلال الحي الذي استقر في بطنها، عن المشاركة في مسيرات العودة والمطالبة بحقها كفلسطينية، لتتلقى رصاصة جديدة في قدمها تتسبب لها بإعاقة.

مالينا الهندي مناضلة سلاحها "علم فلسطين"

تواصلت "الكوفية" مع الثائرة مالينا الهندي، وروت لها تفاصيل الإصابة التي تعرضت لها، وكيف تعاملت معها، وما هو رد الفعل الذي وجدته من المسؤولين تجاه مصابي مسيرات العودة.

هي مالينا الهندي (34 عامًا) من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ربة منزل لأسرة مكونة من ستة أطفال، تعرضت للإصابة مرتين في مسيرات العودة، مرة برصاصة حية استقرت في بطنها حتى اللحظة، وأخرى بطلق ناري متفجر تسبب لها بإعاقة في قدمها.

ومنذ انطلاق فعاليات مسيرات العودة في الـ 30 من آذار العام الماضي، اعتاد المتظاهرون على رؤية (أم هيثم) في مقدمة الصفوف، رافعة علم فلسطين، وعلى الرغم من إطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، تجدها ثابتة كالجبال غير آبهة بالمخاطر.

رصاصة طائشة في البطن

رصاص الاحتلال الطائش لم يفرق بين رجلٍ وامرأة، أو حتى طفل أو عجوز، وكغيرها من آلاف الفلسطينيين الثائرين، تعرضت "الهندي" للإصابة خلال المشاركة بمسيرات العودة، فتلقت "رصاصة" في بطنها مساء الجمعة الموافق 26/10/2018 شرق بلدة خزاعة.

وتروي "أم هيثم" لـ "الكوفية" تفاصيل إصابتها قائلةً: "مساء الجمعة الموافق الـ 26 من شهر تشرين الأول من العام الماضي، تقدمت تجاه المنطقة الشرقية لمخيم العودة في بلدة خزاعة، حيث تم تغيير أماكن التظاهرات في هذا اليوم من مكانها المعتاد شمال المخيم إلى الجنوب الشرقي منه، وحينها باشرت قناصة الاحتلال إطلاق الرصاص الحي بكثافة تجاهنا".

وأضافت: "بدأت بالاقتراب تجاه الشريط الحدودي وحينها رأيت الجنود أمامي بشكلٍ واضحٍ للغاية، وكذلك رأوني أمامهم، ولم أكن أشكل أي خطر يذكر عليهم، فسلاحي الوحيد كان "علم فلسطين"، إلا أن قناصة الاحتلال اعتبروه مصدر تهديد فأطلقوا وابلًا من قنابل الغاز والرصاص بشكل عشوائي تجاهنا".

وتابعت: "بدأنا بالجري بعيدا عن المكان، في ظل مطاردة شديدة من رصاص القناصة، مع كل خطوة نخطوها، حينها شعرت بالألم في بطني، لكن واصلت الجري حتى وصلت إلى تلة رملية، ارتميت خلفها، ووجدت نفسي مصابة بعيار ناري في البطن".

رحلة علاج قصيرة

وأشارت "الهندي" في حديثها مع "الكوفية"، إلى تفاصيل رحلة علاجها من الإصابة الأولى، وقالت، إنه تم نقلها إلي المستشفي الأوروبي في خانيونس، ليتبين لها أن هذا الطلق الناري لا يمكن إخراجه من بطنها، حيث استقر بالقرب من الكلية، ما نتج عنه أن مكثت بالمستشفي يومين متتاليين في غرفة العناية المكثفة.

وأضافت: "بعد لك انتقلت إلي مستشفي ناصر وسط مدينة خانيونس لمتابعة العلاج، ومن ثم غادرت المستشفي إلي بيتي لأكمل علاجي هناك، وبعد قرابة الشهر قررت العودة للمشاركة من جديد في مسيرات العودة بعد شعوري بتحسن على حالتي الصحية".

عودة إلى المسيرات

الثلاثينية مالينا الهندي، باتت إحدى النساء الفلسطينيات اللائي تركن بصمة في مخيمات العودة، فلم تعبأ بإصابتها وبالرصاصة المستقرة في بطنها، وعادت من جديد للمشاركة بفعاليات مسيرات العودة، حيث كانت على موعدٍ جديدٍ مع معاناةٍ أخرى.

خلال مشاركتها في فعاليات جمعة المرأة الفلسطينية في اليوم الثامن من شهر آذار الماضي، تعرضت "أم هيثم" للإصابة من جديد، لكن هذه المرة في ساقها، حيث تلقت رصاصة متفجرة نتج عنها حدوث قصر في القدم، وتهتك في العظام.

لحظات صعبة

قالت الهندي لـ "الكوفية": "في كل لحظة كانت تمر أمامي صور أطفالي الصغار، تمنحني قوة علي التمسك بالحياة، ولكن هذه الإصابة كان لها وضع خاص، حيث رقدت في المستشفى لمدة 12 يومًا بعيدًا عن أطفالي الصغار وزوجي الذي يحتاج إلي رعاية خاصة، بعد إصابته بطلق ناري في القدم أيضًا خلال مشاركته في مسيرات العودة، يوم الـ 10 من أغسطس، في العام الماضي".

وكشفت "مالينا" عن أصعب اللحظات التي تعرضت لها خلال تلك الإصابة، وقالت: "أشد اللحظات وأكثرها صعوبة مررت بها، بعد إصابة زوجي وابني مؤيد ذو الـ 13 عام، فلم أجد من يساعدني حتى في الذهاب إلى الحمام، وحينها شعرت بالعجز التام".

وأضافت: "الحمد لله أصبحت حال زوجي أفضل وتماثل للشفاء، إلا أن المعاناة لا زالت مستمرة بسبب إصابة مؤيد".

"مؤيد" وفصل جديد من الإهمال

مؤيد الهندي ذو الـ 13 عامًا، الابن الأصغر للمناضلة مالينا، أُصيب يوم الـ 30 من آذار الماضي، في ذكرى يوم الأرض، حيث تلقى رصاصة غادرة من الاحتلال، استقرت في مجري البول لديه، قضى بسببها 13 يومًا بالمستشفى وأجرى 3 عمليات، حتى قرر الأطباء خروجه من المستشفي منذ يومين، وحددوا له عملية جراحية في موعد لاحق.

واستهجنت الهندي، تأخير التحويلة الطبية الخاصة بها وابنها، متسائلة، هل ذلك التصرف طبيعي من قبل السلطة تجاه المصابين، هل تريد لجرحى المسيرات أن يموتوا في غزة دون أن يقدموا لهم حتى ورقة تكون طوق نجاة لهم!!.

مناشدة عاجلة

لم ينل رصاص الاحتلال من إرادة المناضلة "أم هيثم"، التي شددت على مواصلة الكفاح ضد المحتل حتى عودة الحق لأصحابه، إلا أن إهمال المسؤولين في متابعة وعلاج مصابي المسيرات، هو ما أصابها بالذهول.

وفي ختام حديثها لـ "الكوفية"، ناشدت "الهندي" المسؤولين، بضرورة مدَّ يدِ العون لها ولابنها، وتوفير التحويلة طبية لهما، ليتمكنا من العلاج والعودة إلى الحياة بشكل اعتيادي.

وقالت: "نحن بحاجة إلى العلاج لنتمكن من العودة لممارسة حياتنا بشكلٍ طبيعي، خاصةً مع الظروف الصعبة التي نعيش فيها وتكلفة العلاج المرتفعة، ناهيك عن مصروفات الحياة اليومية المعيشية".


حلقات الإهمال المتعمد من المسؤولين في السلطة الفلسطينية، تجاه مصابي وجرحى مسيرات العودة، لا تزال مستمرة، رغم كم المناشدات والاستجداءات التي يطلقها المصابين، إلا أنه "لا حياة لمن تنادي".