خاص بالفيديو|| الفقر والمرض ينهشان عائلة "أبو عزب" ولا أحد يلتفت لمعاناتهم
نشر بتاريخ: 2019/05/31 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 19:22)

غزة – محمد عابد

أربعة جدران أسمنتية، وأرضية رملية، شهود عيان، على مآساة عائلة الحاج يونس أبو عزب، التي نهش الفقر والمرض في أجساد أفرادها، دون مبالاة أو أهتمام من قبل المسؤولين بمعاناتهم، فباتوا كغيرهم من سكان المنطقة القاطنين بها مهمشين ومعزولين عن العالم.

منطقة غنية يسكنها الفقراء

تعد منطقة "المواصي"، التي يقيم بها الحاج يونس أبو عزب وعائلته, والكائنة على ساحل البحر جنوب قطاع غزة، واحدة من المناطق الزراعية الخصبة رغم قربها من شاطئ البحر، فهي غنية بالخضروات والأشجار المثمرة، وكانت تمد القطاع بما يحتاج من الخضروات الطازجة، وتصدر الفواكه والخضروات إلى الخارج.

والمواصي التي تقع غرب مدينتي خانيونس ورفح، ويسكنها كم كبير من المواطنين و يعمل معظمهم في الزراعة، تعاني مثل سكانها من نقص حاد في الخدمات الأساسية، وتفتقر إلى أبسط متطلبات الحياة، فهي كأهلها منسية ومعزولة عن عالمنا.

التقت "الكوفية"، في قلب الطبيعة الخلابة التي تحيط منطقة المواصي المطلة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، بعائلة الحاج يونس أبو عزب،  التي تفتقد إلي أدني مقومات الحياة، حتى الأمن والأمان باتوا لا يشعرون به، وعلي الرغم من أن عائلة أبو عزب لا تسكن الخيمة, وأن منزلهم مشيداً بجدران إسمنتية إلا أن هذه العائلة تعيش في منزل أرضيته رملية، وقد تآكلت جدرانه بسبب الرطوبة العالية، ليأوي بين جدرانه حالة طفلة مريضة بالصرع، في ظل غياب وإهمال تام من قبل المسؤولين .

شاب قتلته التحويلة الطبية

بكلمات ممزوجة بصراخ يصعب تفسيرها، تحدث الحاج أبو عزب لـ"الكوفية" عن ابنه الأكبر أيوب, الذي أصابه السرطان في منطقة الحوض، وبدأ يستشري في جسده بشكل جنوني، قائلًا :"حين أصيب ابني الأكبر أيوب بمرض السرطان، لم نتمكن من الحصول علي تحويلة لعلاجه علي نفقة السلطة، وحين أخبرنا الأطباء بخطورة حالته قررت أن أعالجه علي نفقتي الخاصة لو مهما كلفنا الثمن، وسافرنا إلي الأراضي المحتلة وهناك بدأ الأطباء بعلاجه، وبعد قرابة العام والنصف من العلاج الكيمائي، توفي أيوب في عام 2008 في مستشفي الأوروبي ، وضاع أمل أبو عزب في أن يكون هناك أحد يعوله ويستند عليه ".

منزل جدرانه أسمنتية وأرضيته رملية

أضاف أبو عزب لـ"الكوفية":" بعد وفاة أيوب كنا قد استنفذنا أخر ما نملك من أموال، ولم يبقي لدينا فلسًا واحدًا، وأنا أعيل أسرة كبيرة مكونة من سبعة أطفال، وجميعنا نسكن في منزل مكون من غرفتين، لا يصلح أن يكون زريبة للحيوانات، فأرضيته رملية، التي تخرج منها الثعباين والخنافس والحشرات والفئران، أصبحت كشبح يخيم علي حياتنا، فحين تتوجه زوجتي أو ابنتي إلي المطبخ أكون مضطرًا للوقف بجانبها كحارس خوفًا من دخول الحشرات عليها, خاصة وأن المنزل لا يوجد به أيضا شبابيك أو أبواب , منزلنا لا يوجد به شبكة صرف صحي" .

وتابع أبو عزب:" نحن نعيش حياة كلها عذاب، لا يمكن لأحد أن يتأقلم في العيش وسط الرمال، في فصل الشتاء نكون مضطرين للسكن هنا لعدم وجود مكان أخر،  فتغمر منزلنا مياه الأمطار ونصبح في حيرة من أمرنا إلي أين نذهب ولا نجد المكان، وفي فصل الصيف نقوم برش أرضية المنزل الرملية بكمية معقولة من المياه حتى لا تدخل الحشرات إلي المنزل، خاصة وأن الحشرات تنشر بشكل كبير في هذا التوقيت من السنة".

سكن بلا كهرباء

ويستطرد أبو عزب في حديثه موضحًا ملامح معاناة أسرته قائلًا لـ"الكوفية":" أطفالي يعانون من أمراض عديدة، بسبب امتزاج الرمال مع الطعام،  ودخول الرمال في العجين، خاصة وأن زوجتي تقوم بعمل الخبز علي الصاج، فمنزلنا بلا كهرباء، كذلك نحن نسكن في منطقة بعيدة جدًا عن المدينة، لذلك أجد نفسي مضطرًا لتوصيل أطفالي إلى المدارس يوميًا، وانتظر انتهاء الدوام لكي أعود بهم إلي البيت، خاصة وأنهم يدرسون في الفترة المسائية، وأيضا أنا لا أملك ثمن مواصلات الطريق إلي مدارسهم والعودة منها ".

وناشد أبو عزب كما كل سكان القطاع، كافة المسؤولين بضرورة النظر لهم بعين الرحمة والعون ومساعدتهم في تبليط أرضية منزلهم، ليتمكنوا من العيش بحياة كريمة كباقي البشر .

طفلة مريضة بشلل دماغي وصرع منذ الولادة

من جانبها، وصفت زوجة أبو عزب شكل حياتهم مع أرضية المنزل الرملية بالمخيف, وقالت لـ"الكوفية":"منزل لا يوجد به أدني مقومات الحياة، لا يوجد لدينا أثاث، أحاول أن ألتقط  رزق أطفالي من أيدي الناس، في محاولة لتامين أقل القليل لهم ,أصبحت أقسي أمنية لنا أن نقوم بتبليط أرضية المنزل، وتركيب الشبابيك والأبواب لمنزلنا، لأن البرد في الشتاء ينخر عظام أجسادنا، وحر الصيف أنهك قوانا، لدينا طفلة مريضة منذ الولادة بمرض شلل دماغي بسبب نقص الأكسجين الذي تعرضت له أثناء الحمل، ما نتج عنه حرق كامل في أعضاء الدماغ الداخلية، الآن تبلغ من العمر 14 عاماً، لا يمكنها المشي ولا تفهم شيء في الحياة، ولا تعرف خطورة الأشياء فهي في بعض الأحيان ترمي بنفسها في النار حين أقوم بطهي الطعام عليه، كذلك أصبح لديها حالة صرع، فهي تقوم بالهجوم علي أي شخص غريب يدخل منزلنا،  وتقوم بالاعتداء عليه، هذه الطفلة بحاجة إلي بمبرز وحليب بشكل مستمر، كانت تتلقي العلاج في مستشفي الهلال ولكن حين بلغت العشر سنوات قاموا بتخريجها من المستشفي, وقد صرف لها الأطباء علاج ولكن وجدنا أن العلاج يزيد لديها نوبات الصرع، ونصحنا الأطباء بوقف العلاج عنها واعتماد العلاج الطبيعي، ولكن دون نتيجة تذكر، فهي تخاف من الظلام, وكذلك الضوء الزائد ".

وناشدت زوجة أبو عزب كافة أصحاب الضمائر الحية بضرورة مساعدتهم في تبليط أرضية المنزل، ومساعدة ابنتهم في العلاج، لتتمكن من إكمال حياتها كباقي البشر.