الحكم على رئيس الاستخبارات الباكستانية الأسبق بالسجن بعد محاكمة عسكرية
نشر بتاريخ: 2025/12/12 (آخر تحديث: 2025/12/12 الساعة: 17:49)

متابعات: أعلنت محكمة عسكرية باكستانية، الخميس، الحكم على الفريق أول فايز حميد، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الباكستانية «آي إس آي»، بالسجن 14 عاماً، بعد إدانته بتهم تتعلق بالفساد والتدخل في السياسة وإساءة استخدام السلطة.

ويشكل الحكم لحظةً نادرةً في التاريخ السياسي الباكستاني، إذ إنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها رئيس سابق لأقوى جهاز استخباراتي في البلاد ويُسجن على يد المؤسسة العسكرية نفسها.

ويُعدّ هذا التطور نهاية درامية لمسار صعود ضابط كان يُنظر إليه يوماً على أنه أحد أبرز مهندسي المشهد السياسي الداخلي، في بلد لطالما لعب فيه الجيش دور «صانع الملوك».

ووفق بيان رسمي لـ«إدارة العلاقات العامة» في الجيش، فقد اعتُقل حميد في أغسطس (آب) 2024، وأُدين بأربع تهم تشمل الانخراط في أنشطة سياسية، وانتهاك قانون الأسرار الرسمية، وإساءة استخدام موارد الدولة، والتسبب بخسائر مالية جسيمة. وحُكم عليه بالسجن مع «الأشغال الشاقة» وفق المصطلح القانوني الباكستاني.

ويرى محللون أن محاكمة حميد تأتي في سياق حملة متصاعدة ضد المقربين من رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي تولى السلطة بين 2018 و2022، وكان هو من اختار حميد لرئاسة الاستخبارات. ومنذ تسلّمه قيادة الجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، يعمل المشير سيد عاصم منير على تعزيز نفوذه داخل المؤسسة العسكرية. فقد أقرّ البرلمان الشهر الماضي تعديلاً دستورياً يمنحه صلاحيات موسعة وحصانة قانونية مدى الحياة، واضعاً تحت سلطته مختلف أفرع الجيش، ومقلصاً دور القضاء الأعلى عبر نقل بعض الصلاحيات الرقابية إلى المؤسسة العسكرية.

ويرى داعمو التعديل أنه خطوة لاستقرار البلاد، بينما يصفه منتقدون بأنه تركيز غير مسبوق للسلطة. وقال محامي حميد، ميان علي أشفق، إنه يعتزم تقديم طعن بالحكم فور حصوله على نسخة رسمية من قرار المحكمة. وفي بيان الجيش، ورد أن محكمة عسكرية أخرى ستنظر في قضية منفصلة متعلقة باتهامات حول «إثارة اضطرابات سياسية بالتنسيق مع أطراف حزبية»، في إشارة يفهم منها أنها مرتبطة بالتحقيقات المستمرة في دور حميد المحتمل في احتجاجات مايو (أيار) 2023، عندما هاجم آلافٌ من أنصار عمران خان منشآت عسكرية عقب توقيفه.

كانت طموحات حميد السياسية، إذ لم يُخفِ سعيه لتولي منصب قائد الجيش - المنصب الأقوى في البلاد - قد أدت إلى توتر علاقته مع القيادة الحالية تحت إمرة المشير منير. وكان حميد أحد أربعة جنرالات مرشحين للمنصب في ذلك الحين.

كما تعود بعض الاتهامات ضده إلى فضيحة عقارية عام 2017 في إسلام آباد، حين اتُّهم مع شقيقه بمحاولة السيطرة على مشروع إسكان خاص من خلال اعتقال مالكه وابتزازه. وخلال فترة رئاسته للاستخبارات الباكستانية بين 2019 و2021، اكتسب حميد نفوذاً واسعاً، إذ طالته اتهامات المعارضة بتلفيق قضايا ضد خصوم الحكومة، والتدخل في إدارة شؤون الدولة من خلف الكواليس.

ويقول الصحافي والمحلل السياسي رضا رومي، المقيم في نيويورك، إن حميد كان يتصرف بـ«جرأة غير معتادة»، وإن محاكمته «تسلّط الضوء على مدى التجاوزات التي ظلت بلا مساءلة لسنوات».

ويرى مراقبون أن الحكم رسالة واضحة لكل من يفكر في تحدي المؤسسة العسكرية. ويقول عمر قريشي، كاتب الرأي في صحيفة «ذا نيوز» الباكستانية: «إنها رسالة قوية لأنصار عمران خان بألا يتوقعوا الإفراج عنه قريباً، وأن يتراجعوا عن الاحتجاجات الأخيرة. وهي أيضاً تحذير مباشر لضباط الجيش بضرورة الالتزام بالصف». ومنذ الإطاحة بعمران خان في تصويت بحجب الثقة عام 2022، ثم منعه من الترشح وسجنه العام الماضي، تشن المؤسسة العسكرية حملةً واسعةً ضدّه وضد أنصاره. ويقول خان إن التهم الموجهة إليه ذات دوافع سياسية، فيما يتهم هو ومؤيدوه المشير منير بانتهاج الأساليب ذاتها التي اتُّهم حميد باستخدامها سابقاً لدعم حكومة خان.