فضيحة حكومة نتنياهو التجسسية في "الرواق الأوروبي"
نشر بتاريخ: 2025/12/16 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 18:39)

جاءت حادثة سيدني التي أدت لقتل 15 أستراليا بينهم حاخام يهودي من أنصار الإبادة الجماعية، لتحرف الاهتمام الإعلامي، عن واحدة من الفضائح التجسسية الكبرى التي نفذتها دولة الكيان الاحلالي ضد الاتحاد الأوروبي.

يوم 14 ديسمبر 2025، ساعات قبل حدث سيدني، نشرت الصحافة البلجيكية، ضمن تحقيق استقصائي أوروبي مشترك، عن تسريب ضخم يضم أكثر من مليوني وثيقة وبريد إلكتروني داخلي صادرة عن وزارة عدل دولة الاحتلال وهيئات رسمية مرتبطة بها، توثّق ما وصفه التحقيق بـ تدخل إسرائيلي ممنهج في الشؤون القضائية والسياسية والمجتمعية داخل أوروبا، ما أسمته "ملف إسرائيل " Israel Files".

التقرير أثار مخاوف نواب وبرلمانيين، إلى جانب قوى وأحزاب، خاصة اليسار والخضر، من حجم الاختراق الأمني لدولة الكيان، وما يمكنه أن يشكل تهديدا مباشرا على الحريات وحقوق الإنسان، في ظل تنامي حركة الغضب الشعبي رفضا لحرب الإبادة التي تنفذها دولة الاحتلال في فلسطين، ومحاصرتها التي انعكست رفض مشاركتها في أنشطة أوروبية مختلفة، ومنها أزمة "اليوروفيجن" مع انسحاب القوة الداعمة الأهم إسبانيا.

التحقيق الفاضح للنشاط التجسسي داخل الاتحاد الأوروبي، دفع منظمات حقوقية أوروبية ودولية الترحيب بما تم كشفه، واعتبرته دليلًا إضافيًا على وجود ضغط منظم لإسكات الأصوات المنتقدة للسياسات الإسرائيلية داخل أوروبا، وجددت مطالبتها الاتحاد الأوروبي بـ:

• تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل.

• وقف أي تعاون مع جهات متورطة في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

• ضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في أوروبا.

رسميا لم يعلن الاتحاد الأوروبي موفقا محددا تجاه الفضيحة الكبرى، لاعتبارات مختلفة، لكن الصمت لن يؤدي إلى إغلاق "ملف إسرائيل" التجسسي، بل أن التحقيق مرشح للانتقال من الإطار الإعلامي إلى السجال السياسي والقانوني، في ظل تزايد الضغوط البرلمانية والحقوقية، واحتمال طرح الملف داخل لجان مختصة في البرلمان الأوروبي خلال الفترة المقبلة، لمخاطره على جوهر الحقوق والسيادة.

منطقيا، قدمت وسائل الإعلام البلجيكية، وكذا الأوروبية، وثيقة سياسية بامتياز يمكن لها أن تتحول سلاحا في مطاردة دولة الاحتلال، باعتبارها خطر تهديدي لحقوق الإنسان، والتطاول على سيادة الدولة، وأن العداء ليس لفلسطين بل لكل من تراه ليس معها.
 

الوجه الآخر لقيمة التحقيق الأوروبي حول ملف إسرائيل، أن نمو الفاشية والكراهية للآخر، أي آخر ليس مرتبطا بجغرافيا أو حدود سياسية، بل مرتبط بما تراه خدمة لمشروعها العدواني الكبير، ما يزيل كثيرا من "مساحيق" الديمقراطية التي تروجها دولة الكيان، وتجاوبت معها قيادات أوروبية أبرزهم الألمانية فان دار لاين، عندما اعتبرت دولة الكيان "الدولة المضيئة الوحيدة في الشرق الأوسط"، دون أن تجد عقابا ولو أخلاقيا.

التحقيق الإقصائي لملف إسرائيل التجسسي، يجب أن يتحول إلى قضية إعلامية مركزية عربيا وفلسطينيا، لكشف مخاطر سياسة الدولة الاحتلالية على المنظومة الدولية، وبأنها لا تقيم وزنا لغيرها.

فضيحة ملف إسرائيل التجسسي داخل الرواق الأوروبي، هدية سياسية – أمنية للفلسطيني، وكذا الرسمية العربية، ويخدم مسألة مطاردتها في العدل الدولية والجنائية الدولية، فلا يجب أن تسقط تحت "بند الارتعاش".