المصالحة قدر الفلسطينيين
نشر بتاريخ: 2019/06/23 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 19:37)

عادت بارقة الأمل مجدداً لتطرق باب إخوة التراب الفلسطيني، داعية لتوحيد الصف في ظل احتلال غاشم لا يفرق بين «الحمساوي»، و«الفتحاوي»، فكل ما ينبض بعشق فلسطين، ويحمل هويتها هو مجرم بنظر الاحتلال ويجب تصفيته أو اعتقاله بحجج واهية وأكاذيب باطلة. لذلك أمام الصلف «الإسرائيلي» لا يملك الكل الفلسطيني على اختلاف التوزع الجغرافي إلا أن يمد يد المصالحة، ويتناسى خلافات الماضي ضمن قاعدة عريضة، بأن الاختلاف في وجهات النظر لا ينبغي أن يكون سبباً للخلاف؛ بل يجب التعويل عليه في تقريب الرؤى؛ للخروج من عنق الزجاجة، والتطلع لمستقبل من الأخوة يسود الشارع الفلسطيني، الذي كثرت معاناته؛ جرّاء الاعتداء «الإسرائيلي» المتواصل، الذي لم يستثن الضفة أو القطاع من إجرامه؛ بل حتى من يقيم في الأراضي التي تحتلها «إسرائيل» وتقيم عليها دويلتها الفاشية لم يسلم كذلك من الاعتقال والطرد، بتهم أعدها الاحتلال مسبقاً لكل فلسطيني أياً كان موقعه لمجرد معارضة سياسة التهويد النازية التي تنتهجها حكومات الاحتلال المتعاقبة؛ حيث إن تلك الحكومات، بالرغم من اختلاف مشاربها السياسية، فإنها تحمل إيديولوجية واحدة هي الاعتداء على الفلسطينيين وطردهم من أرضهم لإقامة ما تدعيه نصوص التلمود من أحقية الاحتلال بأرض فلسطين، ولا يخفى على أحد أن السبب الرئيسي الذي يدعم الاحتلال ويشد من أزره هو التضامن الذي يجده من الإدارات الأمريكية التي يتنافس ساستها على رفده بمختلف أشكال الدعم على جميع الصعد بغية الحصول على تأييد من اللوبي الصهيوني.

أمام الحنق «الإسرائيلي» على الكل الفلسطيني، والدعم الأمريكي المنقطع النظير للاحتلال لا يجد الفلسطينيون بُداً من ضرورة اللجوء للمصالحة؛ إذ إنها العامل الأبرز في تقوية الشوكة الفلسطينية، ودعم الفلسطينيين في أي نضال لاسترجاع الأرض ضد الاحتلال «الإسرائيلي»، كما أنها تدعم القضية أمام الرأي العام العالمي؛ لذا يتحتم على الطرفين الفلسطينيين (حماس وفتح) أن يسعيا جاهدين للتمهيد لعقد لقاء بينهما في القريب العاجل، واستغلال المبادرة المصرية؛ حيث إن مصر تسعى للجمع بين الطرفين وهذه الجهود ليست وليدة الساعة؛ إذ إن القاهرة دأبت منذ بداية الانقسام الفلسطيني مطلع 2007 على التقريب بين وجهات النظر غير أنها كانت تلقى عقبات. لكن ما يدعو للتفاؤل في هذه الأيام أن مسؤول المصالحة الفلسطينية في حركة «فتح» عزام الأحمد صرّح مؤخراً بأن هناك تطورات إيجابية في ملف المصالحة، ورغم أن الأحمد لم يكشف عن تفاصيل نظرته الإيجابية، إلا أنه من المؤكد اعتمد على بوادر إيجابية نقلها الوفد المصري بعد لقائه مع قيادات من حركة «حماس» في القاهرة.

المصالحة الفلسطينية هي قدر فلسطيني وليست خياراً؛ ذلك أن الاحتلال ومن خلفه الإدارة الأمريكية يسعيان بشكل حثيث لجعل «صفقة القرن» واقعاً معيشياً وهو ما يؤدي إلى زيادة الانقسام إلى جانب أن «إسرائيل» تسعى للسطو على مزيد من الأراضي الفلسطينية. ولعل القرار الأخير لما يسمى «المحكمة الإسرائيلية العليا» بهدم 16 عمارة تضم 100 منزل وتصريحات مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط جيسون جرينبلات باتهام «فتح» برفض التعايش تكون أسباباً لهذه المصالحة، لرأب الصدع الفلسطيني.

الخليج الاماراتية