خاص|| "الاستيطان".. الحلم الفاشي الذي يهدد باغتيال أرضنا الفلسطينية
نشر بتاريخ: 2019/10/01 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 13:36)

غزة – عهد أبو خوصة: ما زال الاحتلال يمارس عنصريته وفاشيته تجاه الفلسطينيين، بجدار فصل عنصري ومحاولات استيطان، ليحتكر بذلك الأرض، والماء، وحتى الهواء الذي يتنفسه أبناء شعبنا.

إسرائيل مستمرة في بناء المستوطنات التي تنهش جسد الفلسطينين وتقطع أوصال فلسطين أرضًا وشعبًا وحضارة، ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقيات الدولية، معتبرة إعلان الاتحاد الأوروبي أن سياسة الاستيطان غير قانونية، حبرًا على ورق.

بناء دولة الاحتلال في فلسطين هي الحلم والهدف، عبر سنين طوال من الصراع الفلسطيني  الإسرائيلي،  ولا زال يؤمن المحتل بمقولة هرتزل "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" ليتخذ من ذلك غاية لا تبرر وسيلة، يعدم بها الأرض والحجر.

الخبير بملف الاستيطان اللواء عيسى أبو عرام، يقول لـ"الكوفية"، إن الاستيطان هو عملية إسكان واسعة في أراضٍ محتلة، بذريعة إرساء قواعد السيطرة والهيمنة على الأرض، التي باتت دولة الاحتلال تعتبرها جزءًا منها، وقد تكون دوافع الاستيطان متعددة، منها ما يندرج تحت الإيدولوجيا الدينية أو تحت العنصرية القومية أو الإستراتيجية الأمنية، والدليل "الخارطة" التي عرضها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بشأن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، والمنطقة التي ينوي ضمها تبلغ ٢٧٨هكتارًا وتساوي ٢٢٪ من مساحة الضفة الغربية في منطقة الأغوار وحدها، واقتطاع معازل للسكان الفلسطينين على امتداد منطقة الغور من الشمال إلى الجنوب ما مساحته ٢٥٠ ألف دونم من الأراضي، بعد ما يكون قد استولى على٩٠٪ من المياه الجوفية في الحوض المائي .

مقاومة المخطط ومخطط المقاومة

الشعب الفلسطيني بات وحيدًا يتحرك بدون قيادة، وهذا هو التفسير المنطقي للهبّات الشبابية بين سكان المناطق المهددة بالمصادرة دون قرار وطني مسبق، وهذا المشهد يمكن تفسيره باتساع الفجوة بين حراك رسمي يسعى لتحسين شروط الوضع القائم عبر مفاوضات، بدون مخالب تحت العلاقات الاستعمارية التي كرسها سقف أوسلو، وما ترتب عليه بشأن بنية السلطة الفلسطينية ووظائفها وحراك شعبي يسعى إلى تغيير الوضع القائم، بتغيير تلك العلاقات باستخدام آليات جديدة من الاشتباك مع الاحتلال ومستوطنيه.

 و تابع أبو عرام، أن المفاوضات شكل نضالي، يساعد في حصاد ما زرعته المقاومة أما أن تصبح المفاوضات الشكل الوحيد للمقاومة، كالذي يحصد دون زرع في ظل ما اعترى الشعب الفلسطيني من انقسام على الصعيدين الجغرافي والسياسي، ما أحوجنا إلى قرار وآليات نضال بحجم الهجمة.

وفي تصريح لـ"الكوفية"، قال الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي أحمد رفيق عوض، إن حملات الدعم الدولي والتأييد والمؤتمرات الإعلامية ذات جدوى في كشف حقيقة الصراع وإثبات عدم شرعية المحتل وإعطاء معنوية عالية للفلسطينين وجعل القضية الفلسطينية دائماً على طاولة الحوار وجعلها أولوية للمناصرين للقضية الفلسطينية، الدعم المالي والمعنوي يلعب دورا في إبقاء هذه القضية في المشهد الدولي، وهذا الدعم يقف أمام حملات التشويه والتجريم التي تقوم بها دولة الاحتلال.

واشنطن الداعم الأكبر

 وأضاف عوض، أن الإدارة الأمريكية تشجع الاستيطان، فالسفير الأمريكي زار المستوطنين أكثر من مرة، وترامب نفسه بارك الاستيطان عندما أعلن نتنياهو عن مستوطنة أطلق عليها اسم "ترامب"، واعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل يعتبر أكبر تشجيع للاستيطان، واعترفت الإدارة الأمريكية بأن المستوطنات موجودة ووضع قائم ولا يمكن تغييره وهذا أكبر دليل على إن إدارة ترامب تدعم الاستيطان بكل الأشكال.

وشدد عوض على أن السلطة الفلسطينية، تتحرك في مجال ضيق وتتعرض لضغوطات هائلة ومع هذا، فإنها مدعوة لتغيير الأدوات في التعامل مع الاحتلال، فالسلطة الفلسطينية هامشها ضيق في العمل على الرغم من النشاط الدبلوماسي والعالمي ولها نجاحات على المستوى الدولي ولكن نحن ننظر إلى النتائج ما يضعنا في أزمة كبرى.

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب، إن غياب الإرادة لدى المجتمع الدولي، والتي تتعلق بفرض العقوبات على إسرائيل لخرقها القانون الدولي، بغض النظر عن مدى التأييد داخل الإدارة الأمريكية واللوبي اليهودي سوف تستمر إسرائيل في خرق القانون الدولي.

وأكد حرب، في تصريحات لـ"الكوفية"، أن المقاومة الشعبية هي أداة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، هذا النوع من المقاومة الشعبية، وسواء استخدمت بعض الأساليب العنفية في بعض الأحيان منها، أي بمعنى آخر إذا ما أُحسن استخدامها وتم تنظيمها ووضع  إمكانية الإبداع داخلها، وإذا تم منح الشعب الفلسطيني مزيدًا من الثقة بذاته تستطيع أن تؤثر و ن تصدم الاحتلال الإسرائيلي وأيضا تعري النظام الإسرائيلي أمام المجتمع الدولي.

التزامات السلطة
وتابع الكاتب والمحلل الفلسطيني، أن السلطة وفقاً لالتزامها باتفاقية أوسلو تقوم بجهد محدود، ولكن الشعب الفلسطيني ينتظر المزيد من الإجراءات لتعزيز المقاومة، حتى يتمكن من المواجهة وأن تتناسب القرارات مع حجم ما تقوم به إسرائيل من عملية تهويد القدس وأيضًا ضم الأراضي الفلسطينية وآخرها ما أعلن عنه نتنياهو، من نيته ضم الأغوار الفلسطينية، وفرض السيادة على المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية، وهذا يحتاج إلى ردة فعل أكبر بكثير مما تقوم به السلطة في حالياً.

"الأبارتهيد"
واستطرد حرب، أن هناك تشابهًا بين حركة المقاومة الشعبية في فلسطين وحركة مناهضة الأبارتهيد الجنوب أفريقية، من حيث جدار الفصل العنصري الذي يمنع الفلسطينيين من حرية التنقل في الوقت الذي تسمح به إسرائيل للمستوطنين بحرية الحركة على الطرق والانتقال من إسرائيل للضفة الغربية،  ولكن في نفس الوقت يوجد اختلافات بين الحركتين  فيما يتعلق بالوضع الدولي، فالمجتمع الدولي كان ضاغطًا على حكومة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وأصدرت قرارات ضد التمييز العنصري، ولكن فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني فإن المجتمع الدولي يمنح إسرائيل امتيازات خاصة من قبل الإدارة الأمريكية.

وفي تصريح لـ"الكوفية" قالت الكاتبة الفلسطينية تمارا حداد، إن الاستيطان الإسرائيلي يعتبر بمثابة سرطان خطير يستشري في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وينهش جسد المدن والقرى الفلسطينية ليقطع أوصالها ويشتت ساكنيها، وباتت الضفة الغربية أشبة بمدن صغيرة منفصلة بالمئات من التجمعات والبؤر الاستيطانية التي تتمركز على الجبال والتلال، محولةً حلم الدولة الفلسطينية إلى سراب.

وأضافت، أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، هو استيطان قائم على أساس إحلالي، إذ أقامت إسرائيل مناطق صناعية وأعطتها امتيازات كبيرة، وتطورت بدرجة كبيرة جدا في السنوات الأخيرة.

مشروع الاستيلاء على الأراضي من سكانها الأصليين

 

وأكدت حداد أن حركة الاستيطان القروي أو الزراعي الصهيوني، على مختلف الانتماءات السياسية للمستوطنين، قبل وبعد قيام إسرائيل، في مشروع الاستيلاء على الأرض من سكانها الأصليين وبعدها من سكانها المهجرين، وفي تطوير الاقتصاد الإسرائيلي، وذلك من حيث تطوير الإنتاج الزراعي على أنواعه، وبالتالي تطوير البنى الاقتصادية الصهيونية التعاونية، وتحوّل كثير من الاستيطان منذ نهاية الثمانينيات إلى أشكال الإنتاج الصناعي والسكن الإقتصادي، إلى جانب المستوطنين أصحاب الدوافع الدينية.

وأضافت، أقيمت المستوطنات بالقرب من المدن التاريخية التي يدعي اليهود أن لهم حقا تاريخيا فيها بهدف منع التواصل الفلسطيني داخل الضفة الغربية ومع الدول المحيطة تحقيقا لاستراتيجية التخطيط والإنجاز التي يمكن إيجازها باستراتيجية "الإحاطة ثم التغلغل" المستقاة من المفاهيم العسكرية والمترجمة للتخطيط المدني.

 أهداف الاستيطان

وأشارت حداد، إلى أن هناك عدة أهداف للاستيطان، أبرزها الاستئثار بعمق البلاد من نهر الأردن وحتى السهل الساحلي، والسيطرة على سلسلة الجبال في الضفة الغربية، وإنشاء شبكة واسعة من الطرق لربط المستوطنات.

وهناك قوانين تستغلها إسرائيل للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وهي قانون أملاك الغائبين، وأملاك الدولة، ومصادرات للمصلحة العامة، أما رؤية إسرائيل المستقبلية حول الاستيطان فتتمثل في طرد الفلسطينيين وإحلال المستوطنين كبدلاء لهم.

تأثير الاستيطان على الأراضي الفلسطينية

وقالت حداد، إن هناك تاثيرا للاستيطان يتمثل في مصادرة المصادر الطبيعية وخفض مستوى الإنتاج الزراعي للفلسطينيين، وثمة تأثير آخر على الناحية الاجتماعية للفلسطينيين كانتشار الفقر، ومصادرة الأراضي ما يؤثر على التنمية الاقتصادية والحضرية بقطع التواصل بين المدن، ومن الناحية الأخرى فهو يقتل حلم الدولة الفلسطينية.
إحصائيات

وذكرت حداد، أن عدد المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس المحتلتين، وقطاع غزة المحاصر، تضاعف من 144 مستوطنة قبل توقيع اتفاق أوسلو إلى 515 مستوطنة وبؤرة استيطانية حتى سبتمبر/ أيلول 2018

.

وعدد المستوطنين تضاعف في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بأكثر من ثلاث مرات وارتفع من 252 ألفًا قبل أوسلو إلى 834 ألف مستوطن اليوم.

وأضافت حداد، أن حكومة الاحتلال تواصل البناء بوتيرة متسارعة في الضفة، ولا سيما بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتلتهم مزيدًا من أراضي المواطنين لتوسيع المستوطنات التي تستحوذ على مساحة 60% من الضفة الغربية.

أشهر المستوطنات

أشهر المستوطنات حاليا، في الخليل، ادوراه، الون يفون، بيت حجاي، كريات اربع، كفار عتصيون، افرات، جنوب الخليل سوسيا وشمعة وبيت بتير.

في القدس، أشهرها جيلو، كفار أدوميم، معاليه أدوميم، مجدال عوز، جفعات زئيف، بسغات زئيف.

في رام الله والبيرة، أشهرها دوليب ، دولف، دوران، الأزار، مستوطنة آدم، كوخاف يعقوب، بيت إيل، حلميش، لابد، جفعون جلجال، معاليه مخماس، موديعين، جبل الطويل.

في سلفيت، أشهرها أربيل، أسفار، بركان، بيت آري، بيت هارفا، بيت حورون، بنيامين، بكعوت، الكانا، إيمانويل، ، ابن حوجلا، كفار تفوح، كريات كوهاف، عيلي حيفف، أشكلات، اينان.

وفي محافظة طولكرم، فإن أشهر المستوطنات، افناي، حينفيتش، حوش، ومحافظة جنين: حومش، وفي محافظة أريحا: الموج، علمون اناتون، معاليه أفرييم، وفي غور الأردن إليشانا ناحال، وفي محافظة نابلس: زاهاف، ارجمان، اتيزا افراييم، غانييم، جفعون هاهدا، الحمرة بكعات، هار، ادار، ايتمار كالية، كرفاي، كرمل، الون، معاليم ليفونة، وفي قلقيلية:- أورنت، تسوفين، تل منشية، الفي ميناشي، شومرو، كيدار، معاليه كدوميم، وفي محافظة بيت لحم، أشهر المستوطنات هي: الون شيفون، بتيار، عليت، بترونوا ناحال، براخا، أبو غنيم، تشمونا تيم، همدات، هيرمش، حينانيت.

دور المقاومة الشعبية

وأكدت حداد أنه يوجد دور للمقاومة الشعبية في مدن الضفة الغربية وقراها ولكن ليست على المستوى المطلوب للتصدي لعملية الاستيطان وللمستوطنين، الذين يهاجمون الفلسطينيين، هذا الأمر بحاجة إلى التصدي لهذه السياسية الاحتلالية بكافة السبل والآليات، وإيجاد طرق جديدة للبدء في التصدي بشكل يخرج بنتائج إيجابية لوقف الاستيطان.

إدارة ترامب الأسوء على الإطلاق

وكانت تقارير رسمية وحقوقية ودولية قد أشارت، الى ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي رفعت من وتيرة البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس المحتلة في عهد إدارة ترمب، وسط تبدل في تعاطي البيت الأبيض سياسيًا مع النشاطات الاستيطانية المخالفة للقوانين الدولية في الضفة الفلسطينية المحتلة، علما بأن الإدارات الأميركية السابقة عكفت على اعتبار الاستيطان عائقًا أمام "عملية السلام" في الشرق الأوسط.