العدو يزرع قنابل لـ "ردع" المتظاهرين في كفر قدوم
نشر بتاريخ: 2020/08/27 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 12:49)

متابعات: وضعت قوة من كتيبة الدورية في لواء «ناحل»، التي دخلت، الأربعاء الماضي، قبيل منتصف الليل، قرية كفر قدوم الفلسطينية في الضفة الغربية، ثلاث عبوات ناسفة مرتجلة، على الأقل، على رصيف شارع في القرية، اعتاد السكان على السير فيه، وقربه يعيش أشخاص. وعلمت «هآرتس» أن القوة أخفت العبوات بوساطة حجارة وقطع قماش وصناديق ذخيرة وخرجت من القرية، حيث كانت العبوات جاهزة للتشغيل، بحيث تنفجر العبوة عند لمسها. وجاء من الجيش الإسرائيلي أنه في المكان وضعت قنابل صوت بدون وسائل تخريب أخرى. «في منطقة مفتوحة غير مأهولة، جرت فيها خروقات عنيفة للنظام بصورة دائمة منذ بضع سنوات». وفي الجيش قالوا إن العبوات وضعت في المكان لـ «خلق ردع». ومن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي ورد أنه «بعد أن اكتشف أن الأمر يمكن أن يتسبب بضرر عملت القوات على إخراج العبوات من المكان».

يوم الخميس في ساعات الظهيرة مر في المكان ولد ابن سبع سنوات مع عائلته، ولاحظ صندوقاً بلون برتقالي مغطى بالاسلاك وقطع القماش. «أردت رفعه للعب به»، قال. أمه التي كانت معه استدعت بسرعة أحد أبناء العائلة، وسيم شتيوي، من اجل فحص الامر. اقترب وسيم من الصندوق هو وابن عمه مأمون شتيوي. في البداية هزوا الصندوق وسمعوا خرخشة. وبعد هزة اخرى انفجرت العبوة وأصابت وسيم إصابة طفيفة في يده ووجهه. تلقى وسيم العلاج من ممرض في القرية، وقال إنه أصيب بسبب شظايا. الصندوق الذي وجده الفلسطينيون كان صندوقاً لقنابل الصوت للجيش الإسرائيلي.

بعد ذلك، تقدمت العائلة نحو مئة متر على الشارع ولاحظت صندوقا برتقاليا آخر. هذه المرة قاموا بتصويره مسبقاً وبعد ذلك رموا عليه الحجارة لإبطاله. انفجر الصندوق وتصاعدت منه النار والدخان. عندما رفع الفلسطينيون الصور في الشبكات الاجتماعية، جاءت في ليل الخميس قوة عسكرية الى المنطقة وقامت بتفجير مراقب للعبوة الثالثة. «يعيش هناك اشخاص ويتجول هناك أولاد»، قال وسيم في حديث مع «هآرتس». «لحسن الحظ أنه لم يحدث شيء أسوأ».

في الجيش الإسرائيلي رفضوا الرد على سؤال من صادق على وضع العبوات المرتجلة في الشوارع التي يسير فيها سكان القرية. ولماذا تم إبقاء العبوات دون مراقبة في الوقت الذي كانت جاهزة فيه للتشغيل، ومن الذي قام بإعداد العبوات. مع ذلك، أكدوا في الجيش للصحيفة بأن العبوات وضعت في إطار نشاط لجنود كتيبة دورية «ناحل». وقالوا إنه في أعقاب استجواب «هآرتس» فتح قائد فرقة منطقة الضفة الغربية، العميد ينيف ألالو، تحقيقا في الحادثة. وفي الجيش الإسرائيلي لا يستبعدون إمكانية أن العبوات وضعت بدون مصادقة أو معرفة كبار الضباط في الفرقة.

من صور العبوات التي وثقها سكان القرية يظهر أنه تم تركيبها بصورة غير محترفة وتم اخفاؤها بصورة غير مهنية، جعلتها تبدو عبوات ليست للجيش الإسرائيلي، بل كأنها وضعت من قبل فلسطينيين أو نشطاء «تدفيع الثمن». ووضع الى جانب العبوات جسم يظهر كـ «كوع» (مواسير) وضع بجانب صندوق قنابل الصوت التابع للجيش. الصندوق نفسه تم اخفاؤه بوساطة شبك اسود وحجارة وربط بالعبوات من الخارج اسلاك كهربائية، وفي العبوات التي انفجرت كان يمكن رؤية أزرار وأجزاء مختلفة ربطت بوساطة شريط لاصق اسود. في الجيش الإسرائيلي لم يردوا على سؤال هل التنفيذ الذي تم بصورة مهملة استهدف عرض مشهد وكأن الامر يتعلق بعبوات وضعها فلسطينيون؟

حسب تعليمات الأمان لقنابل الجيش الإسرائيلي يجب القاء قنابل الصوت على بعد مترين على الاقل من الاشخاص. العبوة التي اصابت شتيوي انفجرت عندما كانت موجودة في يده. في نيسان الماضي اصيبت طفلة لعائلة اصولية بحروق في وجهها اثناء تظاهرة في القدس بسبب قنبلة صوت أُطلقت من قبل الشرطة.

150 متراً عن بيت سكني

وضعت العبوة الأولى قرب بيت قيد البناء، يقع على بعد 150 متراً تقريباً من اقرب بيت سكني. وحسب أقوال السكان، يستخدم هذا الشارع أيضاً من اجل الخروج الى الطبيعة وزيارة حقول الزيتون الخاصة بهم. لذلك، اعتاد السكان على السير فيه مشياً على الأقدام.

في الشارع الذي الى جانبه وضعت العبوات تجري تظاهرات من قبل سكان القرية، ويتمركز الجنود فيه من اجل قمعها. وضعت العبوة، الأربعاء، قبل يومين على التظاهرة الأسبوعية التي تجري يوم الجمعة. يوم الثلاثاء لاحظ أحد سكان القرية، خالد شتيوي، وجود لافتة مرتجلة باللغة العبرية، وضعت فوق تلة ينتشر احياناً عليها جنود الجيش الإسرائيلي أثناء التظاهرات – على بعد بضعة أمتار من المكان الذي وضعت فيه العبوات. وكتب بخط اليد على اللافتة «ابتعد وإلا ستموت، خطر الموت». وجملة أخرى غير مفهومة بالعبرية. وحسب أقوال سكان القرية، في اليوم الذي وجدت فيه اللافتة كانت هناك قوة عسكرية في المكان. ولكنهم في الجيش رفضوا الإجابة اذا ما كانت القوة التي وضعت العبوات هي المسؤولة عن كتابة اللافتة.

في اليوم التالي (الأربعاء) لاحظ سكان القرية أن علم فلسطين الذي وضعوه في السابق في المكان نفسه بالذات تم إنزاله.

منذ العام 2011 يقوم سكان كفر قدوم بتظاهرات أسبوعية ضد إغلاق الشارع الرئيسي المؤدي الى القرية والذي يقود الى نابلس. ولكنه اغلق عند توسيع مستوطنة كدوميم في 2003. الآن هذه هي القرية الوحيدة في الضفة الغربية التي تجري فيها تظاهرات أسبوعية ضد الاحتلال، والاحتكاكات مع الجيش الإسرائيلي التي سجلت فيها كثيرة: في شباط الماضي نشرت في الصحيفة صورة لجرافة عسكرية تقوم بدحرجة الحجارة نحو سكان القرية اثناء المظاهرة. وفي أيار نشرت «بتسيلم» صورة لجنود وهم يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع نحو بيت رئيس اللجنة الشعبية في القرية، مراد شتيوي، ويثقبون اطارات سيارات. وايضا نشر تحقيق وجد جنوداً يطلقون النار على خزانات مياه في القرية. في العام 2019 نشرت وزارة الصحة الفلسطينية بأن طفلاً ابن عشر سنوات أصيب اصابة بالغة في رأسه بسبب الرصاص الحي اثناء مواجهات في القرية. وفي شباط الماضي تم الابلاغ عن طفل ابن 15 سنة اطلقت على رأسه رصاصة مطاطية.

«لو أن فلسطينيا وضع شيئاً كهذا لجاؤوا خلال لحظة من اجل اعتقاله»، قال مراد شتيوي، رئيس اللجنة الشعبية في القرية ووالد خالد. وأشار شتيوي أيضاً الى أن هناك عدداً من الكاميرات الموضوعة في أطراف المستوطنة القريبة كدوميم، وأنه لو وضع فلسطيني هناك عبوة مشابهة فان الجيش كان سيلاحظ ذلك بسرعة وسيأتي.

«أيضا في المكان الذي أصبحت فيه أعمال الانتقام للجنود أمرا روتينيا، فان وضع عبوات ناسفة مرتجلة من قبل الجنود هو حدث استثنائي، فقط لحسن الحظ لم يؤد الى أضرار اكثر خطورة»، ورد من «بتسيلم»، «هكذا تعمل العصابات المسلحة وليس الجيش النظامي، لكن العملية تعكس روح قادة الجيش والمستوى السياسي، التي تبث بأن حياة وسلامة الفلسطينيين هي مشاع».

إن وضع عبوات جاهزة للتشغيل في منطقة مدنية قريبة من تجمعات سكانية ممنوع حسب القانون الدولي. وفي الواقعة الحالية قالوا في الجيش الإسرائيلي بأن هدف القوة كان «خلق ردع». ولكنهم أشاروا الى أن العبوات لم تكن مخصصة لهدف معين أو لناشط إرهابي في القرية حاولوا المس به. في الجيش رفضوا الإجابة على سؤال هل كان هناك مستشار قانوني عسكري صادق على وضع العبوات قرب مدنيين ليست لهم علاقة، ومن هي الشخصية الأعلى في سلسلة القيادة التي عرفت عن النشاط وعن وجود العبوات في المكان.

 

عن «هآرتس»