أراكم في كل نهاية سبت على جسر اليركون وجسر المشاة الذي يؤدي الى متنزه اليركون. عشرات الاشخاص الطيبين، معظمهم من سكان المنطقة، يصفرون بصافراتهم أو يضربون على الطبول ويرفعون الأعلام السوداء واللافتات البيضاء. معظمهم بالغون، لكنّ هناك ايضا عددا غير قليل من الشباب والعائلات التي حولت تظاهرة نهاية السبت نزهة استجمام ثابتة لها. المشهد مفرح ومشجع. يقظة سياسية، اهتمام، مواطنة جيدة، احتجاج – ماذا نريد أكثر من ذلك؟ منذ سنوات وهؤلاء الناس الطيبون غارقون في سبات سياسي، ومخدرون، ويجري اعطاؤهم تنفسا اصطناعيا، وهم عميان لامبالون، وها هو الآن حدث احتجاج هذا سبب جيد لذلك. هم يريدون أن يتم اقصاء رئيس الحكومة المتهم بمخالفات جنائية عن وظيفته، وهم يريدون ثقافة سياسية مختلفة وأن يذهب بيبي الى البيت. طلباتهم محقة بدرجة لا مثيل لها، بهذا الشكل لا يمكننا المواصلة. إسرائيل دمرت. ولكنني لا أتوقف وأنضم إليهم.
هم جيراني وأفضل أصدقائي في الحي، من أفضل الإسرائيليين، هم مصوتو اليسار والوسط، بناة البلاد، قراء «هآرتس»، المعتدلون والمتنورون ومن يطعمون القطط في الشوارع، وهم الذين يتوقفون على كل ممر للمشاة. هم الجزر الجميلة في المجتمع السيئ، والعنيف الذي نشأ هنا. ومع ذلك، قلبي ليس معهم. الجسر الذي يقفون عليه هو جسر ضيق جدا. ضيق جدا جدا. من المسموح ومن الواجب انشاء حركة احتجاج هدفها القضاء على السلطة السيئة، نظاما أو حاكما. العالم مليء بأمثال هؤلاء حتى في هذا الوقت، من روسيا البيضاء وحتى هونغ كونغ. ولكن جسور اليركون ضيقة جدا؛ لأن احتجاج من يقفون هناك ضيق بدرجة مخيفة. يمكن قبول الادعاء الذي يقول، إن الجميع يجب أن يقوموا بابعاد الشر، حكم نتنياهو. ولكن هذا الاحتجاج لا توجد له مرحلة ثانية. في روسيا البيضاء يناضلون من اجل أن يذهب الكسندور لوكنشكو، ومن اجل أن يتحول الواقع الى واقع افضل واكثر عدالة – أن يتغير النظام، وليس فقط أن يتم ابعاد الحاكم. في إسرائيل، في المقابل، حتى لو ذهب نتنياهو فإن واقع الحياة والنظام لن يتغيرا في جوهرهما.
إن خطاب الاكاذيب والتحريض سيحل مكانه خطاب اكثر استقامة وعدلا، هناك عدد من الشخصيات السياسية السيئة ستختفي من حياتنا، رئيس الحكومة القادم سيكون أقل جشعا واكثر صدقا، لكن إسرائيل ستبقى هي إسرائيل. وعلى الخطوط لا يقف أي مرشح يقترح إسرائيل مختلفة. لا يوجد أي مرشح بديل يدعو الى تغيير النظام. هناك اتفاق كاسح بين كل الراغبين بولاية العرش على استمرار التفوق اليهودي وتخليد الاقصاء والاضطهاد للعرب في إسرائيل. وهناك اتفاق كاسح اكبر على الحفاظ على الاحتلال. ايضا حتى إذا نجحت انتفاضة الجسور وانهار نتنياهو وحكومته فإن إسرائيل لن تصحو على فجر يوم جديد، بل على فجر قديم من الواقع السيئ ذاته.
النظام في إسرائيل لن يتغير حتى لو نجح هذا الاحتجاج. نظام الحكم في إسرائيل كفّ عن أن يكون ديمقراطياً منذ تحول الاحتلال الى ظاهرة دائمة. الاحتلال هو الذي يحدد النظام في إسرائيل كنظام غير ديمقراطي بشكل واضح، احتجاج الجسور يتجاهل هذا تماما. اعلامه السوداء موجهة ضد نتنياهو، الهدف السهل، وليس ضد النظام الذي هو الهدف الصحيح. في هذا الواقع فإن الاحتجاج الذي فقط يريد أن يرى «الفاسد من بلفور» يذهب الى السجن أو الى البيت ليس احتجاجا جديا. المتظاهرون يقولون إنهم يناضلون من أجل الديمقراطية، وهذا جيد. ولكن عن أي ديمقراطية تتحدثون، يا جيراني من «رمات افيف»؟ حيث إنه على بعد مسافة قصيرة من منازلنا يعيش بشر مثلنا تحت استبداد مشين. وحتى لو نجح احتجاجكم فإن إسرائيل ستعود لتكون ديمقراطية في نظركم، وسيعيدون لكم إسرائيل القديمة التي أحببتموها. هم سيواصلون العيش تحت الاستبداد ذاته. وهذا الاستبداد لا يسمح لإسرائيل بأن تعتبر ديمقراطية، سواء مع نتنياهو أو بدونه. وضد هذا الاستبداد يجب أن نرفع الاعلام السوداء.
في كل نهاية سبت، أسأل نفسي لماذا لا أتوقف لأنضم اليكم في نضالكم العادل؟ لماذا لا اذهب الى بلفور وقيساريا؟ لماذا لا أحمل علما اسود في يدي؟ ولكن علمكم، أيها الاصدقاء الاعزاء، علم صغير من البلاستيك وليس علما حقيقيا.
عن «هآرتس»