خاص الكوفية|| الدول المستقلة وذات السيادة يحكمها دستور يمثل العقد الاجتماعي بين منظومة السلطات السياسية الثلاث التي تحكم وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية وبين الشعب الذي هو اساس في اقرار الدستور عبر استفتاء عام، وهناك قوانين تحاكي ما ورد في الدستور لتنظيم الامور القانونية للمواطنين وفي كافة نواحي الحياة، وبما لا يتعارض مع اي بند في الدستور.
بعض الدول كـ"دولة الاحتلال الإسرائيلي" و"السلطة الوطنية الفلسطينية" استعاضت عن عقد إجتماعي بينها وبين شعبها بمسمى (القانون الأساس) بديلا للدستور وذلك لأسباب مختلفة حيث السلطة الوطنية الفلسطينية ليست بدولة ذات سيادة لتقوم بإعلان دستور يتم استفتاء الشعب الفلسطيني عليه، ومع ذلك فهناك ما يحكم العلاقة بين أفراد الشعب الفلسطيني كافة وبين النظم السياسية التي تقوده، حيث القانون الأساس يحكم العلاقة بين السلطة وبين الشعب في الضفة وقطاع غزة، ووثيقة الاستقلال المعلنة عام ١٩٨٨ تحكم العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين مجمل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
ما يدفعني لهذه المقدمة هو الانتهاكات التي يتعرض لها الكثير من أفراد الشعب الفلسطيني من نظامه السياسي وليس فقط من الاحتلال ومن غربة المهجر وتعدد الهويات والوثائق التي يحملها الفلسطيني والمعاناة التي يعانيها نتيجة لذلك.
تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام ١٩٩٤ وفقا لاتفاق أوسلو وما ترتب على ذلك من إصدار وثيقة سفر بمسمى جواز سفر أحدث نقلة نوعية للكل الفلسطيني وأصبح الكثير من افراد الشعب الفلسطيني يحملون هذه والوثيقة في حلهم وترحالهم، وتعتبر هذه الوثيقة حق من الحقوق المنصوص عليها في القانون الاساسي الفلسطيني، بل هي واجب النفاذ لكل فلسطيني وبالذات في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حين تم اعتماد وثيقة جواز سفر صفرية لمن لا يعيش في مناطق السلطة في الشتات.
الغريب والجديد والذي يخالف ليس فقط القانون الاساس الفلسطيني، بل كافة المواثيق الدولية وحقوق الانسان العالمية، هو إستخدام إصدار أو تجديد جواز السفر الصادر عن السلطة الوطنية الفلسطينية كوسيلة عقاب ومحاولة لتركيع المعارضين في رأيهم لسياسات السلطة الفلسطينية، حيث هناك العديد من المواطنين الذين رفض تجديد جواز السفر الخاص بهم ومنعوا بذلك من إمكانية التحرك في أبشع مخالفة للحقوق الانسانية الاساسية.
إن استخدام جواز السفر كوسيلة عقابية هي تعبير عن إنفصام وإنفصال عن الواقع الحقوقي الفلسطيني والعالمي، ولا تمارسه إلا أعتى الديكتاتوريات ومهما كان الخلاف، خاصة أن القانون الفلسطيني يمنع اي شيء يتعلق بسحب الجنسية، فلا سحب للجنسية في القانون.
الواقع الفلسطيني كنظام سياسي وكأمر واقع لا يمكن النظر إليه وفقا للقانون، فقد إخترق هذا القانون وضرب به عرض الحائط في اللحظة التي تم فيه مس الحقوق الأساسية للمواطن، خاصة حقه في الحصول على وثيقة سفر ومهما كان رأيه في ذلك النظام ومؤسساته، فحرية التعبير عن الرأي مكفولة وفقا للقانون الذي لا يزال يحكم النظام القائم إن كان في السلطة أو في المنظمة.
نقول هذا للتذكير بأن هناك معاناة حقيقية يعاني منها جزءا من أبناء شعبنا، وأن لهم الحق غير القابل للتصرف في الحصول على جواز السفر كأول وثيقة فلسطينية نفتخر فيها لكي يستطيعوا التمتع بالحركة والسفر ووفقا للميثاق والعقد الاجتماعي الذي الفلسطيني الذي أقر ذلك عبر أول مجلس تشريعي فلسطيني منتخب،.
ليس في الامر أي منطق ولا قانون في الحرمان من جواز السفر، لكنه منطق اللا منطق واللا قانون واللا فلسطيني بل حتى اللا إنساني.
كفى!!! وكفى!!! فهناك أمور غير قابلة للنقاش ولا للعقاب، وأولها الحق في جواز السفر، وهو ليس منة من أحد، والحق في التعبير عن الرأي، والحق في الحركة، والحق في أن نكون احرارا، ونذكر فقط بمقولة الفاروق رضي الله عنه " متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرار"، فالحرية لا تتجزأ.