هل اقتربت الحرب بين الصين وأمريكا 
نشر بتاريخ: 2020/10/18 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 16:43)

سؤال كنت اتعاطى على الدوام مع احتمالاتها بالاستنكار، نظرا للقوة التدميرية الهائلة التي تملكها الدولتان، وبالتالي استبعاد المواجهة العسكرية، وترجيح كفة الحروب بالوكالة. لكن تصريحا مفاجئا وهو الأول من نوعه منذ عقود طويلة أطلقه الرئيس الصيني شي جين بينغ يطلب من القوات التركيز على 'الاستعداد للحرب ‘دفعني لاعادة القراءات حول الموضوع. ما لفتني من كل الكتابات والآراء التي ترجح او تستبعد الحرب في الصحف والمراكز الامريكية، ما كتبه كريستوفر لاين رئيس وحدة دراسات الامن القومي في جامعة تكساس في العدد الجديد من مجلة الفورين افيرز الرصينة. فالرجل يرجح احتمالات الحرب ويستعرض فصلا من التاريخ بدراسة أسباب الحرب العالمية الأولى، ويقول ان حجم العلاقات التجارية بين المانيا وبريطانيا لم يمنع قيام الحرب بينهما، كما يحاجج بان التكنولوجيا الحديثة مكنت الدول من تطوير رؤوس نووية صغيرة، تفتح الباب لحروب نووية محدودة لا تؤدي الى دمار شامل. ويجادل لاين أصحاب نظرية ان النظام الليبرالي سوف يحافظ على السلام ، وان مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمة التجارة الدولة وصندوق النقد لا زال يوفر نظاما لم ينتهي بعد،  يمكنه من التنبؤ بالسلوك الدولي وربما لعقود قادمة ، يقول في رده، " ان ما يجري الان هو صعود للشعبوية اليمينية غير ديمقراطية بما يمثله من رد عنيف على النظام الدولي الليبرالي ، أدى عمليا الى ان هذا النظام بات أقل فاعلية لتوفير اليات التوسط في النزاعات الكبرى ، وقد تجد القوى الصاعدة مثل الصين الفرصة مواتية لتحدي ومراجعة الهيكل القائم مما يفتح الباب لحروب محدودة ".

 يعود كريستوفر لاين الى أسباب مسارعة الصين مطلع التسعينات للتوقيع على اتفاقيات التجارة الدولية والالتحاق الكامل بالنظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وبحثها على الثراء، كان بهدف بات واضحا وهو تعزيز قدراتها العسكرية والتكنولوجية اللازمة لانتزاع الهيمنة الإقليمية في شرق اسيا، ويقول:" ان انضمام الصين للنظام الدولي لم يكن بهدف الحفاظ علية ولكن لتحديه من الداخل“.

في القراءة أيضا ان رجال المؤسسة السياسية بشقيها الديمقراطي والجمهوري، ومعها نخبة مهمة من الأكاديميين، باتوا يميلون بصورة خطرة الى خلاصة مؤداها، ان التهديد الحقيقي للولايات المتحدة ليس من القوة العسكرية والتكنولوجية المتنامية للصين، وانما من التحدي الذي تحمله للنموذج الأمريكي للتنمية السياسية والاقتصادية، الذي يفوق برأيهم التهديد الايديولوجي للاتحاد السوفييتي. وهي شبيهة بالحجج التي ساقها البريطاني للتحريض على الحرب ضد المانيا ذات الإرث البروسي عام 1914.

توتر ونقاط ساخنة برزت في الأسابيع الماضية، حيث أبلغ البيت الأبيض الكونجرس الأمريكي يوم الاثنين الماضي أنه يخطط للمضي قدمًا في بيع ثلاثة أنظمة أسلحة متطورة إلى تايوان، بما في ذلك نظام الصواريخ المدفعية عالي الحركة

وفي أغسطس الماضي زادت الأمور توترا مع زيارة هي الأعلى لمسؤول أمريكي منذ عقود لتايوان وهو زير الصحة في حكومة ترامب، ردت بكين باستعراض للقوة اذ عبرت 40 طائرة حربية الخط الفاصل بين تايوان والصين، وبدأت مناورات عسكرية في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان. توتر قد يؤدي الى حرب دون ان نسقط من الحساب الازمة المستمرة في شبه الجزيرة الكورية.

  خلاصة كريستوفر لاين تشكل برأيه مخرجا للكارثة المحدقة وهي :  ان على الولايات المتحدة الاعتراف بأن قيمها " الليبرالية " ليست عالمية وبالتالي التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين ومجالها الحيوي بما في ذلك التراجع عن ضمانها لأمن تايوان، بما يعني الاعتراف بنهاية الدور الذي احتلته منذ الحرب العالمية الثانية وهو غير ممكن في الوقت الراهن ، الامر الذي يبقي خيار الحرب مع الصين مفتوحا.