قرار إغلاق ملف الأسهم وعدم التحقيق مع رئيس الوزراء في ملف الغواصات، والهجوم منفلت العقال على المستشار القانوني للحكومة، وعروض الرعب التي تقدمها ميري ريغف، وميكي زوهر، واوسنات مارك، وتفكيك الاحتجاج المركزي إلى مئات الاحتجاجات الجانبية والمزدهرة. تجسد هذا، أول من أمس، في المتظاهرين ليرفعوا الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء درجة واحدة اخرى.
وحسب تقارير الاعلام السوداء، فقد تجمهر في أرجاء البلاد، أول من امس، نحو ربع مليون شخص.
صعد الآف كثر نحو بلفور. وكان ميدان رابين يعج بالناس. امتلأت مراكز عديدة في المدن المختلفة بالمتظاهرين.
أُناس لم يسبق لهم أبدا أن خرجوا للتظاهر حطموا عادتهم، وضعوا الكمامة، وكتبوا لافتة وانطلقوا.
من حاول وقف التظاهرات قام بعمل معاكس. الاحتجاج لا يخبو، انه يتعاظم.
بخلاف النظرية السائدة فانه بعثرة حدث مركزي الى أحداث متوازية كثيرة لا يضعف الحدث بل يزيد قوته. هذا ليس إما أو، بل هذا وذاك. كل هذا من فعل يدي نتنياهو. فالخوف/الهوس الذي في إطاره انقض بغضب على الظاهرة كي يبيدها عمل كالسهم المرتد.
الناس الذين لم يخرجوا للتظاهر في حياتهم أبدا خرجوا بتردد للانضمام إلى جيرانهم في زاوية الشارع. كان هذا تدريبا أوليا على اطلاق النار. وبعدها جاء تدريب آخر، وغيره.
اما النتيجة فكان يمكن للمرء أن يراها، أول من أمس.
إلى جانب تعاظم الاحتجاج، تزداد ايضا مظاهر العنف ضده. نحن في عصر يُصور فيه كل شيء، ويوثق كل شيء، ينشر في الشبكة كل شيء، وفي الزمن الحقيقي.
كل بيضة فاسدة، كل بصقة، كل حجر، كل رشة غاز مسيل للدموع او غاز فلفل. جموع «لا فاميليا» تصدم بالمتظاهرين (في حولون)، كل سيارة تبطئ كي يتمكن سائقها من البصق على المتظاهرين، كل شاتم يسب على «اليساريين الخونة» تتفجر عروق رقبته غضبا.
لشدة العجب، هذا ايضا لا يردع المتظاهرين، بل ربما العكس. فالتواجد المتواضع في ميدان بوجل في حولون تحول، أول من أمس، إلى تظاهرة مبهرة. هم لا يتخلون عن اي مفترق أو عن أي شبر. لا يحنون الرأس.
الخوف هو الاخر يختفي. الناس الذين تواضعوا في حضورهم في التظاهرات، يصورون أنفسهم ويرفعون الصور إلى الشبكة. والناس الذين تواضعوا في هوامش الجموع، يختلطون بسرور بحبله السري.
تلقيت، أول من أمس، صورة من مفترق كفار هنجيد وفيها اثنان: من اليمين، مردخاي رحميم، بطل عملية سبينا، الحارس الذي صفّى خاطفي طائرة العال على المسار في زيورخ وهو يهاجمهم بمسدس 22 ميلمتر. والى جانبه وقف البروفيسور ايتان مور، مدير جهاز زرع الاعضاء في شيبا، وكلاهما خريج سييرت متكال.
في بلفور شوهد نائب رئيس «الموساد» سابقا، دافيد ميدان. «فريمو» الاسطوري كان مدير مشروع نتنياهو لاعادة جلعاد شاليت وهو، كما يذكر، وفر البضاعة. اما أول من أمس، بعد تسع سنوات من إعادة شاليط من السجن جاء الميدان للاحتفال بهذا اليوم الخاص في مظاهرة في بلفور.
هم ليسوا وحدهم، يوجد عدد كبير لا يحصى من خريجي جهاز الأمن، المنظومة الاقتصادية، المنظومات السياسية، يجدون أنفسهم يتظاهرون. احساس بالاختناق، بأنه لا يمكن أكثر من ذلك، يتشارك فيه الكثيرون.
عن «معاريف»