متابعات: وقف الرئيس ترامب على المنصة في المطار في فلوريدا، وكانت طائرة سلاح الجو رقم 1 تقف في خلفية مبهرة وراءه وفي الهواء تعزف كما هو الحال دوما الأغنية المشجعة للقرويين، «رجل شاب، لا داعي لأي شعور بالتوعك. رجل شاب، أقول – انهض عن الأرض لأنك في مدينة جديدة ولا داعي لتكون حزينا...».
يرقص ترامب قليلا على هتافات الجمهور، ويبدو أصغر من سنه. ولكن من غير المؤكد أن يكون له، الأسبوع القادم، بالفعل ما يدعوه الى الاحتفال: الكثيرون يتحدثون عن المفاجأة الكامنة في فوزه في الانتخابات السابقة في 2016، وعن المؤشرات التي اختار المحللون والمستطلعون تجاهلها في حينه. صحيح أنه فاز في حينه على كلينتون بفارق 77 صوتاً في المجمع الانتخابي، ولكن في بعض الولايات كان الفوز بفارق شعرة: فلوريدا، ويسكونسين، ميتشغان وبنسلفانيا، مثلا، تساوي معاً 75 صوتا انتخابيا، والفوز فيها يتراوح بين أعشار في المئة و1.1 في المئة. وأي تغيير طفيف كان سيمكن كلينتون أن تكون الرئيسة اليوم.
وضع بايدن أفضل الآن بكثير، سواء من ناحية الاستطلاعات في هذه الولايات وغيرها أم من ناحية الحماسة هذه المرة للتصويت في الجانب الديمقراطي وأساسا في ظل ازدياد الإصابات بـ «كورونا»، والذي هو النقطة الاضعف لترامب – وحتى في ولايات معارضة اخرى تصوت تقليديا للجمهوريين وكفيلة هذه المرة بأن تنقل صوتها.
من الصعب التنبؤ، فالأمور قد تتغير حتى الانتخابات. وإضافة الى ذلك، ثمة التصويت في البريد، والذي يمكن له أن يؤدي إلى وضع تظهر فيه النتائج في ليل الانتخابات في صناديق الاقتراع فوزاً لترامب، بينما نتائج مصوتي البريد ممن يصوتون اكثر لبايدن ستصل بعد بضعة أيام من ذلك لتغير الصورة. كما أن الاعتراف بالهزيمة ليس مؤكدا هذه المرة؛ ولا سيما اذا ما كانت حاجة ليفعل ترامب ذلك، ويمكن للقصة أن تستغرق أياما عديدة.
ليست الانتخابات بالطبع على إسرائيل، وبالنسبة لمعظم الناخبين هذه مسألة هامشية تماما، ولكن دولة إسرائيل هي الأخرى بحاجة لتستعد لإمكانية أن يكون الرئيس التالي للولايات المتحدة هو جو بايدن، خيرا كان أم شرا، ويسيطر الديمقراطيون على مجلس النواب وربما مجلس الشيوخ أيضا. صحيح ان العصبة الصاخبة في الهوامش اليسارية والمتطرفة للحزب الديمقراطي، الذي سيسيطر في الولايات المتحدة، ستبقى في الهوامش، ولكنها ذات تأثير اكبر بما في ذلك بالنسبة للعلاقات مع إسرائيل والشرق الأوسط.
ان المسائل السياسية، والأمنية، والاقتصادية الأكثر جوهرية لدولة إسرائيل – التهديد الإيراني، «حزب الله»، استمرار الصراع على اتفاقات السلام مع الدول في الخليج، الفلسطينيين – من شأنها أن تكون في إدارة بايدن في مكان آخر مما كانت عليه اليوم مع ترامب. كما أن أهمية علاقات إسرائيل مع دول أوروبا ستزداد بلا قياس. فالدول الأوروبية ستكون جزءاً معتبرا أكثر بكثير في اعتبارات السياسة الخارجية لبايدن، مما كانت لدى ترامب. وهكذا، فان موقف دول أوروبا بالنسبة للاتفاق مع إيران سيكون اكثر أهمية. وكذا موقفها من مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط، والذي كان حتى الآن يأتي أساسا من خلال المنشور الفلسطيني، وبدأ يتغير بسبب الاتفاقات الموقعة مع الإمارات والبحرين، يمكنه أن يعود مرة أخرى الى الوراء اذا ما غير بايدن سياسته وسلم أولوياته في منطقتنا. على إسرائيل أن تستعد لذلك تجاه الولايات المتحدة وتجاه أوروبا أيضا.
إن المرشحين للرئاسة لم يعودا شابين، ولكن تأثيرهما على العالم كله وعلى إسرائيل في غاية الأهمية، ونتائج الانتخابات وتداعياتها باتت هنا، خلف الزاوية.
عن «يديعوت»