الليبراليون الإسرائيليون وخدعة بينيت
نشر بتاريخ: 2020/11/19 (آخر تحديث: 2025/12/16 الساعة: 18:55)

ذكّرني النقاش حول «مشروع قانون منع عنف اقتصادي في العائلة» بحكاية حدثت في العام 1988. تم تعييني في حينه في وظيفة دبلوماسية في سفارة إسرائيل في جنوب افريقيا. وصلت الى بريتوريا، عاصمة جنوب أفريقيا، وانشغلت بالترتيبات الأولية الضرورية لمن ينتقل للعيش في دولة أخرى. في هذا الإطار دخلنا أنا وزوجتي الى فرع بنك كبير في جنوب افريقيا.

جلسنا امام موظف البنك وأبلغناه بأننا نريد فتح حساب مشترك. الموظف بدأ بملء النماذج الضرورية. عندها توجه لي وسألني: «هل سيدي مستعد لأن توقع زوجته على شيكات؟». وبعد ذلك سألني: «هل سيدي مستعد لأن تكون لزوجته بطاقة اعتماد؟». كل ذلك حدث في الوقت الذي كانت تجلس فيه زوجتي امامه، وهو حتى لم يكلف نفسه عناء النظر اليها. ليس من الصعب تخمين ماذا كانت اجابتي.

بعد يوم ذهبنا معا الى ساحة لبيع السيارات المستخدمة لشراء سيارة لها. ومرة أخرى تكررت اللازمة. البائع لم يوجه أي نظرة اليها، رغم أنه قيل له بصورة واضحة بأن السيارة مخصصة لها. وكل الاسئلة والاقتراحات وجهت لي بصورة فظة وبارزة. كان واضحا أنه من ناحية الاثنين، اللذين كانا بالطبع رجالا بيضا، المرأة كانت شفافة، لم يكن لها رأي، واذا كان لها رأي فهو لا يستحق الاهتمام. هذه التجارب علمتني الكثير عن طابع المجتمع الذي كان يجب علي العيش فيه في السنوات التالية.

وصلت الى جنوب افريقيا وعشت فيها في السنوات الاخيرة من وجود نظام الابرتهايد. هذا النظام يعتمد حسب التعريف على مجتمع ابيض مع رؤية محافظة. احدى خصائص المجتمع المحافظ هي نظرة الوصاية تجاه النساء وعدم قبول قيمة المساواة بين النساء والرجال. حسب رؤية مجتمع كهذا، فان الاموال واقتصاد المنزل هي شؤون جدية لا تستطيع النساء التعامل معها.

في كل وضع تعطى فيه سيطرة قسرية لطرف من الطرفين، من الواضح أنه ستكون هناك حالات فيها يتم استغلال هذا الوضع من اجل التنكيل بالطرف الضعيف. هذا ما يحدث في وضع العنف الاقتصادي. إن تقويض نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا بدأ عندما تحول المجتمع الى اقل محافظة. وبالمناسبة، ايضا في ذروة فترة الابرتهايد كان هناك فرق واضح بين المتحدثين بالانجليزية الذين كانوا اكثر ليبرالية وبين المتحدثين بالافريقية الذين كانوا اكثر محافظة وتدينا. وفرق مشابه بين الاحزاب التي أيدها القطاعين.

تذكرت بالضبط الآن هذه الاحداث لأنه في اسرائيل هناك توافق كامل بين الجزء المحافظ من المجتمع، الذي يقودنا الى حل ابرتهايد، دولة ثنائية القومية فيها لابناء قومية واحدة كامل الحقوق ولابناء القومية الاخرى لا توجد حقوق – وبين المعارضة للقانون المقترح. هوية اعضاء الكنيست المعارضين للتشريع من احزاب الليكود ويمينا توافق نفس القطاع المحافظ – المتدين في المجتمع الاسرائيلي الذي يؤيد ايضا حلول الابرتهايد. الاستنتاج هو أن الناس يجب أن يدركوا مغزى انتخاباتهم السياسية. أي نفس الإسرائيليين الذين حسب تقدير تحليلات نتائج الاستطلاعات الأخيرة انتقلوا من مؤيدين لأحزاب الوسط – يسار الى تأييد نفتالي بينيت وحزب يمينا، وكذلك أيضاً أشخاص، الذين من البداية كانوا في الأساس أصحاب وجهات نظر ليبرالية ومع ذلك أيدوا الليكود ويمينا، يجب عليهم أن يفهموا بأن الامر يتعلق بصفقة، وخيار سياسي كهذا معناه دعم دعم المساواة بين الرجال والنساء، وتأييد نظام ابرتهايد. لا تسمحوا لبينيت بأن يخدعكم بأقوال تبدو ليبرالية، سرعان ما يتراجع عنها.

 

عن «هآرتس»